صحيح أن الكلفه التي دفعناها كانت كلفة كبيرة .للان.. لكن ماجعل الكلفة بهذا الحجم هو حجم الأخطاء .وحجم تراكمات إنكار هذه الأخطاء. وطول المدة الزمنيه التي استمرت عليها هذه الأخطاء. اتحدث عن الشمال والجنوب.. سنتحدث هنا عن الجنوب لان الشمال مازال وضعه غامض.
في الجنوب جاءت الدولة المركزيه بعد نوفمبر 67 وتعسفت المجتمع واجبرته قسرا على الانصياع لهذه المركزية الشديده..
تخيل أن تنقل مجتمعات كانت تعيش في كنف دول مستقلة. وهويات يصل عمر بعضها إلى ثلاث مائة سنه واكثر.. ويأتي من يجبر مجتمعات هذه الكيانات المستقله على الذوبان في كيان جديد لم يتم النقاش مع هذه المجتمعات واشراكها في الحوار على صيغة التعايش الجديده. جاءت مجموعه لديها صميل القوة وصادرت حق اي كائن حتى النطق بنصف كلمه..
هل تعتقد أن من السهل القيام بهذا الأمر . وان الطريقة التي اتبعت هي الطريقه لالامثل..
في وضع الذي كان عليه الجنوب قبل 67 إذا اردت انتقاله إلى دولة واحده .
لن يكتب النجاح لقيام هذه الدولة إلا بحوار بين كل تلك الكيانات .السلطنات. والوصول إلى صيغة تعايش مرضية للجميع .
رغم أممية دولة مابعد 67 واشتراكيتها ورغم كل مااتبعته من وسائل وأساليب لدفن الماضي.
السلطنه القبيله المرجعيات. المذهب..
ومع هذا كانت الصراعات في هذه الدوله كانت تأخذ الطابع الجهوي.. لأن هذه الصراعات تجد فيها المجتمعات الفرصه الوحيده للتعبير عن عدم رضاها بالدمج القسري الذي اتبع بعد 67
انهارت هذه المركزية وانتهت اليوم تماما.وسقطت قبضتها الحديديه التي كبلت رقاب الناس في مجتمعات المحافظات الجنوبية .. خلال السنوات العشر الماضية تركت الفرصه لمجتمعات هذه المحافظات لإعادة تشكيل نفسها في ماتراه الأنسب والإصلح لها..وترك المجال مفتوح للجميع للحديث عن مستقبل هذه المحافظات . حديث بدون سقوف.. فالمشاريع والتشكيلات الاجتماعيه التي تخرج هنا او هناك هي واحده من محاولات الاجتهاد لإعادة تشكيل مستقبل هذه المناطق..ولا من حق أي طرف اليوم قمع أي طرف أو فرض رؤيته على غيره.
الباب الوحيد الذي يفترض أن يتبع هو الحوار
وفتح مجال للنقاش. لان لا احد سيسمح اليوم أن تفرض عليه إرادة غيره..بل لا احد اليوم يملك مايمكنه فرض إرادته. قد الكل أصبحوا متساوون. وما تحقق للناس إلى الآن لن يفرطوا به مهما كلف الأمر. اتحدث عن الانعتاق من المركزيه بأي شكل من الأشكال .
واذا دققت في ماتشهده المحافظات الجنوبية اليوم ستجد أنها قد حسمت أمرها مع كل مايتعلق بالواقع القاىم خارجها. وتجاوزت أي تدخلات من خارجها.. الخلافات القائمة هي خلافات داخليه .داخل حدود المحافظه وبين تشكيلاتها الاجتماعيه. وهذا الحراك الداخلي يجب مساعدته والأخذ بيده للوصول لاتفاق بين أطرافه..