آخر تحديث :الإثنين-13 أكتوبر 2025-12:53ص

الحوثيون .. الذراع الإيرانية الأخطر والأفشل

الإثنين - 13 أكتوبر 2025 - الساعة 12:28 ص

مطيع سعيد المخلافي
بقلم: مطيع سعيد المخلافي
- ارشيف الكاتب


من بين كل الأذرع التي نسجتها إيران في المنطقة لخدمة مشروعها التوسعي خلال العقود الأخيرة، تبقى مليشيا الحوثي السلالية في اليمن الذراعَ الأكثر خطورةً وتخريبًا ودمارًا، وفشلًا في الوقت ذاته.


لقد استطاعت طهران أن تبني نفوذًا عبر مليشيات متعددة في لبنان وسوريا والعراق وغيرها، لكن التجربة الحوثية في اليمن مثّلت ذروة الانحطاط السياسي والعسكري والإنساني لمشروع تصدير الثورة الإيرانية. فقد سلّمت المليشيا الحوثية القرار السيادي، وفتحت الأراضي اليمنية للحرس الثوري الإيراني ليحولها إلى منصة صواريخ وقواعد عسكرية تهدد الأمن الإقليمي والملاحة الدولية في البحر الأحمر. وبذلك تماهى الحوثيون كليًا مع التوجهات الإيرانية، دون أي اعتبار لمصلحة الشعب اليمني وأمنه وسيادة وطنه.


على الصعيد المحلي، شكّل صعود الحوثيين كابوسًا حقيقيًا للمجتمع اليمني. فمنذ انقلابهم على الدولة، قادوا حملة ممنهجة لتفكيك مؤسسات الجمهورية، واستهدفوا الحريات العامة، وقتلوا عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء، وزجّوا بآلاف السياسيين والصحفيين والناشطين والموظفين في السجون، وزرعوا ملايين الألغام في الطرقات والمزارع والوديان والبحار، وهجّروا الملايين من السكان، وفرضوا أيديولوجيا طائفية دخيلة على المناهج التعليمية، ومارسوا سياسة التجويع والجباية في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتهم.


دمّر الحوثيون البنية التحتية، وعطّلوا الاقتصاد، وقضوا على مؤسسات العدالة والتعليم، مما تسبب في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، بحسب توصيف الأمم المتحدة. ولم تسلم حتى المنظمات الإنسانية، إذ تعرّض موظفوها للاعتقالات والتهديدات، فيما تمت مصادرة المساعدات وتحويلها إلى أدوات حرب وتجنيد.


وعلى الصعيد الإقليمي، شكّل الوجود الحوثي المسلح تهديدًا مباشرًا لدول الجوار، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، من خلال الهجمات المتكررة بالصواريخ والطائرات المسيّرة. كما استُخدمت السواحل اليمنية لتهديد أمن الملاحة الدولية وابتزاز المجتمع الدولي، في محاولة لفرض واقع سياسي يخدم طهران.


لقد انكشف المشروع الحوثي، ولم يعد بالإمكان اعتباره فصيلًا يمنيًا بقدر ما هو أداة خارجية. وفي الوقت الذي تتراجع فيه أذرع إيران الأخرى تحت ضغط الضربات العسكرية والتحديات الداخلية، كما هو الحال في سوريا ولبنان، ما زال الحوثيون يتصرفون بانفصال كامل عن الواقع، متمسكين بخيارات الحرب، ورافضين أي حلٍّ سياسي جاد.


إن استمرار هذه الجماعة التخريبية في التحكم بمصير اليمن لا يشكّل خطرًا على الشعب اليمني وحده، بل على المنطقة بأسرها. ومن هنا، تبرز الحاجة إلى موقف وطني جامع، مدعوم بإرادة إقليمية ودولية، لاستعادة الدولة، وإنهاء هيمنة الميليشيا، واجتثاث خرافتها ودفن مشروعها، وتجنيب البلاد المزيد من الدمار والانقسام، واستعادة الأمن والاستقرار.