تحدث الكثيرون عن الكلمة السبتمبرية للسفير أحمد علي عبدالله صالح بمناسبة العيد ال63 للثورة السبتمبرية الخالدة، وتردد صداها في أركان الوطن، حتى وصل لمن أصمّ أذنُه عن سماع الحقيقة، ومن لا يزال يُمني نفسه الخبيثة بعودة الزمن إلى العهود الظلامية.
جاءتنا كلماته من صميم شعب لطالما تاق إلى الانعتاق من براثن القهر والوجع وابتشرد والموت، الذي عانى لعقد من الزمن على أيدي من يدمرون ويغتالون يمننا وهم يظنون أنهم يُحسنون صُنعا.
ولن أضيف الكثير مما قالته المواقع الإلكترونية والمقالات والسياسيين وكل الشعب تقريبًا، فالصدى وحده يكفي ليظهر حجم الأثر الذي أحدثته تلك الكلمة. لكنني هنا أود التركيز على الشخصية القيادية الوطنية المؤثرة التي يمتلكها أحمد علي عبدالله صالح، والتي كلما نطقت حرفًا وحدت شعبًا، وكلما قالت كلمة جمعت في طياتها اليمن، وكلما تحدثت أرعبت عدوًا يوغل في التوحش ويسعى لتمزيق الأرض والنسيج الاجتماعي.
هذه الشخصية، ومع كل الضوء الذي تنثره في أحلك الظروف، هي بحق شخصية زعيم حقيقي يوحد الجميع تحت مظلة الوطن. هكذا هي طبيعة الزعماء، وقلما نجد من يجمع بين الإشعاع الوطني والقدرة على التوحيد، وقلّما نجد من يعكس في كلماته وفعله روح الوطن ومبادئه وقيمه العريقة. ولا نستغرب ذلك فهو رغمًا عن المتأمرين زعيم ابن زعيم تشرب وطنيته وولاءه لوطنه من ابيه الذي ظل لعقود يبني وطنًا ويربي شعبًا على الشموخ والإباء وحب الوطن.
عشنا على مدى عقد من الزمن غابة موحشة ضاعت فيها المبادئ وغابت فيها الرؤية وبجبر فيها الإماميون الجد، لكن من بين كل هذه الحلكة أطل صوت القائد الوطني كمنارة أمل، ونبراسًا يضيء الطريق أمام كل من ينتمي لوطنه بحق. فالكلمة السبتمبرية التي ألقاها ليست مجرد خطاب، بل هي إعلان حيّ عن قدرة الوطن على النهوض بعد جور كبير، وعن وعي شعب يرفض الظلام ويؤمن بالنهضة، وعن زعيم يعرف متى يتحدث ليجمع، ومتى يصمت ليقوي، ومتى يتحرك ليقود.
هكذا هو الزعيم ابن الزعيم، هكذا يُحتفى بالوطن، وهكذا تبقى الكلمة السبتمبرية صدى خالدًا في وجدان شعب لا يعرف الاستسلام وسينهض كالمارد من تحت الرماد كما نهض سبتمبر فتيًا شامخًا ويئد قطعان التشرذم والكهنوت والاستبداد والطغيان.