آخر تحديث :الأحد-21 سبتمبر 2025-01:17ص

تعز ما بعد صالح.. ساحة للفوضى ومرتع للهمج

الأحد - 21 سبتمبر 2025 - الساعة 01:04 ص

غمدان ابو أصبع
بقلم: غمدان ابو أصبع
- ارشيف الكاتب


لم يكن اغتيال أفتِهان المشهري حادثًا عابرًا في جسد تعز ما بعد صالح، بل كان انعكاسًا صارخًا لحقيقة دامية. فتعز، التي حاول صالح أن يقدّمها يومًا كمنبع للثقافة والوعي والعادات الراسخة، أظهرت بعد رحيله وجهًا آخر أكثر قسوة، وجهًا لا يعرف الثقافة ولا الحضارة، ولا حتى أعراف القبيلة التي كانت تضبط المجتمعات.


برحيل صالح، غابت عن تعز ملامح المدينة التي طالما عُرفت بأنها حاضنة للفكر والمثقفين، وارتدت بدلاً من ذلك ثوب الهمجية. تحولت ساحاتها إلى مسرح للجريمة، فيما انسحب مثقفوها إلى صمتهم، تاركين الساحة فارغة لتتصدرها جماعات الفوضى والدم.


اليوم، في تعز، لم يعد للمرأة احترام، ولا للطفل مكانة، ولا للشيخ المسن وقار. باتت المدينة، كما لم يعرفها أبناؤها من قبل، قطيعًا بلا ضوابط، بعدما انهارت الصورة التي ظل النظام السابق يروّج لها طويلًا بأنها مدينة الثقافة والوعي.


من يبحث عن وجه تعز الحقيقي بعد صالح لن يرى سوى واقع مشوّه لمدينة فقدت هويتها، ولن تستعيد شيئًا من ملامحها إلا بعودة نظام يفرض الانضباط والهيبة ويعيد إليها صورتها المفقودة.


يكفي النظر إلى المخا، إحدى مديريات تعز، لنكتشف الفارق؛ ففي ظل نظام وقانون يعملان على ترسيخ القيم وتغليب المصلحة العامة، تبدو المخا أكثر استقرارًا وانضباطًا والتزامًا بالأخلاق، بينما تُركت تعز الأم لتتحول، بسبب محافظها وقائد محورها ومدير أمنها، إلى نموذج بائس يثير شكوك الرأي العام حول ما إذا كانت هذه المحافظة ما تزال تحمل ثقافة أو وعيًا أو قيمًا.


ونحن، كمجتمع، ندرك أن قتل المرأة والطفل عار لا يُغتفر، فكيف لتعز أن تخلع ثوب الثقافة الذي ألبسها إياه صالح، لتظهر بثوب جديد لا يُمكن وصفه إلا بأنه ثوب الهمجية؟.