في مسيرة الشعوب، تتكشف معادن الحلفاء وقت الأزمات. والجنوب عرف حليفه الصادق يوم امتزج الدم الإماراتي بترابه في معارك المصير، ويعرفه اليوم وهو يرى أبناءه يُبتعثون إلى الجامعات ليتسلحوا بالعلم والمعرفة.
العلاقة بين الجنوب والإمارات لم تولد من فراغ، بل من التقاء في الرؤية والهدف؛ رؤية تؤمن أن المستقبل لا يُصنع إلا بالإنسان، وأن الحرية التي دُفعت من أجلها التضحيات لا تكتمل إلا ببناء أجيال تحمل راية العلم والنهضة.
المنح الدراسية التي يتجه عبرها مائة طالب وطالبة من مطار عدن إلى أبوظبي ليست مجرد مقاعد جامعية، بل رسالة واضحة أن الشراكة لا تنحصر في السياسة ولا في السلاح، وإنما تمتد إلى بناء العقول وتمكين الشباب. إنها خطوة تؤسس لمرحلة جديدة، تجعل من التفوق العلمي أحد أعمدة الاستقلال الثاني للجنوب.
عيدروس الزُبيدي وهو يودّع هؤلاء الطلاب، لم يكن يخاطبهم كأفراد فقط، بل كجيل كامل يُعقد عليه الرهان. جيل يُنتظر منه أن يعود محملاً بما هو أكثر من الشهادات، يعود برؤية جديدة، بعلم قادر على تحويل التضحيات إلى منجزات، والآلام إلى فرص للنهوض.
الإمارات، وهي تفتح أبواب جامعاتها لأبناء الجنوب، تثبت أنها شريك يتعامل مع المستقبل كما تعامل مع الحاضر. حليف لا يكتفي بالموقف السياسي أو العسكري، بل يربط مصيره بمصير من وقف معهم يوم المحنة.
وفي زمن تتقاذفه المصالح العابرة، يظل "الحليف الصادق" هو من يضع الإنسان في قلب المعادلة، ويؤمن أن بناء الوطن يبدأ من بناء العقول.
وهذه الحقيقة هي التي تجعل من علاقة الجنوب والإمارات تجربة استثنائية، تتجاوز الطوارئ واللحظات العابرة، لتصبح ركيزة في صناعة الغد.
من صفحة الكاتب على اكس