هل من العدل أن يبيع التاجر بالسعر القديم رغم انخفاض سعر الصرف؟
بين رأيين شائعين، يقع اللبس:
الأول يقول: لا يجب على التاجر تخفيض الأسعار لأنه اشترى بضاعة بسعر صرف مرتفع.
الثاني يرى: يجب أن يبيع التاجر بسعر يعادل الصرف الحالي مباشرة دون مراعاة لأي تكاليف.
والحقيقة أن كلا الرأيين غير دقيق... لنوضح ذلك بالتفصيل:
الرأي الأول: "التاجر اشترى البضاعة عندما كان الصرف مرتفعًا (مثلًا: الريال السعودي بـ 760 ريال يمني)، فلا يجوز إلزامه بالتخفيض الآن بعد أن هبط الصرف إلى 450."
هذا الرأي يتجاهل حقيقة بسيطة: أن التاجر حين ارتفع سعر الصرف في السابق، لم يُفرّق بين المخزون القديم والجديد، بل رفع الأسعار مباشرة دون أن يقول: "هذه بضاعة قديمة".
فمن غير المنصف أن يُطالب بالتفريق الآن لصالحه فقط.
ما هو الصحيح؟
الصحيح أن التاجر لا يسترد الريال اليمني لذاته، بل يسعى لتحويله إلى "ريال سعودي" أو "دولار"، وبالتالي يجب تقييم ما يحصل عليه اليوم مقارنة بما كان يحصل عليه سابقًا بالعملة الصعبة، لا فقط بالريال المحلي.
مثال رقمي لتوضيح الفكرة:
عندما كان سعر صرف الريال السعودي = 760 ريال يمني:
– كان التاجر يبيع كيس الرز مثلًا بـ 76,000 ريال يمني
– هذا يعادل 100 ريال سعودي (76,000 ÷ 760)
الآن، بعد أن انخفض سعر الصرف إلى 450:
– إذا استمر التاجر في بيع نفس الكيس بـ 76,000 ريال يمني على وفق الرأي الأول
– فهذا يعني أنه يحصل الآن على 168 ريال سعودي تقريبًا (76,000 ÷ 450)
– أي أنه ضاعف ربحه بالعملة الصعبة دون أن يفعل شيئًا
هل هذا ربح مشروع؟ لا.
لأنه لا يرتبط بأي تكلفة إضافية فعلية، بل هو ناتج فقط عن إصراره على البيع بسعر قديم في سوق تغيرت شروطه.
الرأي الثاني:
يرى أن التاجر يجب أن يبيع وفق الصرف الجديد مباشرة (مثلاً: 100 × 450 = 45,000 ريال)،
وهذا الرأي يتجاهل التكاليف الثابتة وهامش المخاطرة التي لا ترتبط بسعر الصرف.
ما هي الطريقة الصحيحة والعادلة؟
نحسب أولًا نسبة انخفاض الصرف:
من 760 إلى 450 = انخفاض بمقدار 310 ريال
أي بنسبة: 310 ÷ 760 = 40.78% ≈ 41%
نحسب نسبة الخفض العادلة على اعتبار أن 20% من تكلفة السلعة ثابتة لا تتأثر بسعر الصرف وهذه فقط للتوضيح لأنها تتغير من سلعة إلى أخرى ومن تاجر إلى آخر:
41% × 80% = ≈33%
نطبق نسبة الخفض على السعر السابق:
السعر السابق: 76,000 ريال
الخفض العادل: 33% × 76,000 = 25,080 ريال
السعر العادل الجديد = 76,000 – 25,080 = ≈ 50,920 ريال
هذا السعر يُراعي انخفاض الصرف، مع احتساب التكاليف الثابتة وهوامش التحوط الواقعية، دون مبالغة ولا استغلال.
خلاصة القول؛
لا يجوز التمسك بالسعر القديم مع تغيّر سعر الصرف بشكل كبير.
ولا يصح تجاهل التكاليف المحلية الثابتة بالمطلق.
لكن البيع بالسعر القديم بعد انخفاض الصرف = ربح مضاعف غير مشروع.
ما نحتاجه اليوم هو:
– رقابة فعلية على التسعير
– شفافية في الكلفة وهوامش الربح
– وعي مجتمعي لا ينخدع بثبات السعر الذي يخفي ربحًا متضاعفًا
نريد للتاجر أن يربح… لا أن يستغل.
ونريد للمستهلك أن يُنصف… لا أن يُرهق.
وحيد الفودعي