في أحد أحياء المسيمير الهادئة، يعيش رجل يبدو عادياً في نظر الكثيرين، لكنه يحمل في داخله موسوعة خبرات، وشعلة مواهب، وحساً فنياً نادراً.
الأستاذ علي حيدرة مهدي صالح، من مواليد ٢٤ نوفمبر ١٩٦٠، لم يُسلَّط عليه الضوء، ولم تطرق بابه المنظمات، ولا تهافتت عليه وسائل الإعلام، رغم أنه يملك من المواهب ما لا يجتمع عادة في شخص واحد.
🌾 خبير زراعي عرف الأرض وعشقها..
درس الزراعة في معهد ناصر للعلوم الزراعية، وتخرّج في العام ١٩٧٩. لم يذهب للبحث عن وظيفة إدارية مريحة، بل اختار أن يكون مرشداً زراعياً، يحمل بين يديه أسرار التربة والبذور، يفهم صوت النبات حين يمرض، ويصف له المبيد المناسب.
من عام ١٩٨٨ إلى ١٩٩٤، كان رجل الحقل، يتجوّل بين المزارع ويقدّم المشورة لمن طلبها. ثم انتقل إلى مهنة التعليم، معلماً في مدارس المسيمير ، ثم رئيساً لقسم الإحصاء في مكتب التربية بالمسيمير حتى ٢٠١٨.
لكن الزراعة لم تغادر قلبه، ظل يقدّم الاستشارات للمزارعين، ويشارك في تقييم الأضرار الزراعية، ويحلّ الخلافات التي تنشب بسبب المياه أو حدود الزرع، بكل صبر ومعرفة.
🖌️ فنان لم يُعرض فنه
بعيداً عن الحقول والمدارس، كان علي حيدرة يرسم.. ويخطّ.. ويبدع.
كان يستطيع أن يُحوّل جداراً باهتاً إلى لوحة تنطق بالحياة.
يمزج الألوان كما لو أنها جزء من روحه.
يجيد الخط العربي بأنواعه، يكتب على الخشب، على الزجاج، على الجدران، على اللافتات.
لكنه لم يجد من يستثمر هذا الفن. لم تُعرض لوحاته، ولم تطلب المؤسسات خدماته.
تخيّل أن يكون لديك في قريتك رجل يستطيع أن يصمّم لك لوحة محل تجاري بجودة تضاهي المحترفين، أو أن يُرشّد مزارعي منطقتك ويقلّل خسائرهم.. ثم لا تستفيد منه.
🎓 شهادات لم تُستغل
حاصل على دبلوم محاسبة مالية من المعهد التعاوني بدار سعد عام ١٩٨٦
تلقى دورات متخصصة في الإنتاج النباتي، والتخطيط، والحاسوب، والمسح الشامل
شارك في ورش تنموية وإحصائية مع منظمة اليونيسف
عمل على أرشفة وتنظيم السجلات الرسمية باحتراف
❗ أين نحن من كل هذا؟
ما الذي يمنع أن نعيد النظر؟
أن يناديه التاجر في الحي ليزخرف له الواجهة؟
أن تطلبه الجمعيات الزراعية للاستشارات؟
أن تتبناه مؤسسة ثقافية أو فنية لتعرض رسوماته؟
أن يُدرّب الشباب على الخط والرسم، على الزراعة، على التنظيم؟
لماذا نترك موهبة كهذه تُطفئها العزلة؟
🎯 الأستاذ علي حيدرة ليس بحاجة لمن يمنّ عليه.. بل لمن يفتح له الباب
نكتب عنه اليوم لا لنطلب دعماً مالياً، بل لنتذكّر أن بيننا أشخاص يمثلون كنوز بشرية، تستحق أن ننتبه لها قبل أن تبهت وتختفي.
والأستاذ علي حيدرة ليس حالة نادرة فقط، بل فرصة ضائعة إن لم نحسن التقاطها.
#بسـ_الطميري_ــام