تضمن بيان التوضيح الصادر عن مجموعة هائل سعيد أنعم، تحذيراً من خطورة "الإجراءات غير المدروسة" التي يتم اتخاذها لمعالجة قضايا الأسعار "دون وجود ضمانات حقيقية، ودون تنسيق مع الجهات المعنية".
غير أن العبارة الأخيرة تحديداً – "دون تنسيق مع الجهات المعنية" – جاءت مبهمة وغير مفهومة في سياق البيان.
وبصفتي أحد الذين يقدّرون هذه المجموعة باعتبارها رأس مال وطني كان له إسهام وتأثير في الاقتصاد اليمني على مدى العقود الماضية، فإن هذا الغموض يطرح عدة تساؤلات:
هل يُقصد بالتنسيق المطلوب أن يقوم البنك المركزي اليمني، قبل اتخاذ أي قرار متعلق بأسعار الصرف، بالتشاور مع مجلس إدارة مجموعة هائل سعيد أنعم؟
أم أن المقصود بـ"الجهات المعنية" سلطات الأمر الواقع في صنعاء؟ وهذا ما أستبعده تمامًا.
البيان أيضاً طالب البنك المركزي بتوفير العملة الصعبة بأسعار "مخفضة". وهنا يبرز تساؤل جوهري:
هل يعقل أن يحدد البنك المركزي سعراً رسمياً للتداول ثم يبيع العملة للتجار بأسعار أعلى من ذلك السعر؟
ما لفت انتباهي أيضاً، هو تأكيد البيان – وبالخط العريض – أن المجموعة تعمل حالياً على إعادة تسعير منتجاتها، مما يعني أنها تتجاوب عملياً مع الأسعار الجديدة المعتمدة.
فأين تكمن المشكلة إذن؟
المشكلة – في تقديري – لا تتعلق بسعر الصرف بحد ذاته، بل ترتبط بقرار تشكيل لجنة الرقابة على المدفوعات، وهي لجنة تُلزم التجار بالإفصاح المسبق عن البضائع المستوردة قبل حصولهم على الاعتمادات المستندية.
هذه اللجنة ستراقب كل دولار يُطلب لغرض الاستيراد، وستقارن بين قيمة العملة المحوّلة وكميات البضائع المستوردة فعلياً. وأي تفاوت بين المبلغ المخصص والكمية المستوردة سيُعد مؤشراً على غسل أموال أو تهريب عملة أجنبية إلى الخارج.
من شأن هذه الآلية أن تحدّ من تمويل المليشيا، وتكشف الكثير من الشركات المتعاونة معها، والتي يُعتقد أن عددها كبير.
وعليه، فإن ما وصفته المجموعة بـ"توضيح" لم يكن توضيحاً بقدر ما كان كشفاً جزئياً لردة فعل مرتبكة تجاه إصلاحات اقتصادية ضرورية، ويفتح الباب لتساؤلات مشروعة عن سبب امتعاض مجموعة تجارية كبرى تتركز معظم استثماراتها في مناطق خاضعة لسيطرة الحـو...ثيين.