من الطبيعي أن يُبدي التجّار والشركات وأصحاب المحلات قدرًا من التحفّظ تجاه الاستجابة الفورية لخفض أسعار السلع بمجرد انخفاض سعر صرف الدولار، لا سيما في ظل غياب الاستقرار واستمرار حالة القلق من المجهول.
لكن إذا ثبت هذا التحسن في سعر الصرف واستقر فعليًا، فإن قوى السوق التنافسية — مثل العرض والطلب، والمنافسة، وتكلفة الإنتاج، ومرونة الأسعار، ووجود سلع بديلة، وإمكانية دخول وخروج التجّار بحرّية، وتوفّر المعلومات الكاملة — كفيلة بأن تُعيد ضبط الأسعار تلقائيًا نحو مستويات عادلة ومتوازنة، دون حاجة إلى حملات أو تدخلات أمنية أو إدارية.
كما أن سلوك المستهلك الواعي، والرقابة المجتمعية الفاعلة، يمثلان عوامل محفّزة تُسهم في تفعيل هذه القوى وتسريع أثرها.
لذا، بدلًا من التركيز على التجار والمطالبة الفورية بخفض الأسعار، ينبغي توجيه الضغط الحقيقي نحو الحكومة والبنك المركزي، لضمان استقرار سعر الصرف بعد موجة الهبوط الحالية.
فعندما يتحقق هذا الاستقرار، فإن السوق نفسه — بمنطقه الداخلي — سيتكفّل بإعادة التوازن وخفض الأسعار بشكل طبيعي.
فقط قليل من الوقت.
وحيد الفودعي
لا يخفى عليكم أنني أعيش هذه اللحظات بشعور مزدوج ومتضارب تمامًا:
فرحة لا توصف بهبوط سعر الصرف الأجنبي، وأسأل الله أن يستمر هذا الهبوط، بل وأن يصل إلى ما دون 400 ريال مقابل الريال السعودي، بل حتى إلى 300 أو أقل — فهذا ما نتمناه جميعًا، لما فيه من تخفيف على كاهل المواطن، ومعالجة لاختلالات اقتصادية مزمنة طال أمدها.
ولكن في المقابل، أشعر بقلق كبير وخوف مشروع من أن نصطدم بواقع مختلف تمامًا، إذا تبيّن لاحقًا أن هذا الهبوط لم يكن إلا خدعة مؤقتة، أو نتيجة مضاربات، أو أنه جرى دون سند اقتصادي حقيقي.
يا مسؤولي البنك المركزي: نحن أمانة في أعناقكم، لا تحرمونا من لذة هذا الفرح، ودعوه يتحول إلى استقرار دائم لا وهم عابر، احمونا من "هجمة مرتدة" قد تُطيح بهذا الحلم الجميل الذي نعيشه اليوم.