آخر تحديث :الثلاثاء-29 يوليو 2025-01:55ص

الموروث الزيدي بشقيه (السلالي والقَبلي)... ما بين قتل الحُكام وتدمير الأرض والإنسان!

الثلاثاء - 29 يوليو 2025 - الساعة 12:15 ص

همدان الصبري
بقلم: همدان الصبري
- ارشيف الكاتب


عندما نتحدث عن "الموروث" فنحن نشير إلى ثقافة وهوية جزئية، وأسلوب حياة، وطريقة تعامل، ومجموعة ممارسات، ومعتقد متأصل، وعادات وتقاليد وأعراف وطقوس، وصفات وسمات، ومفاهيم ذات جذور فكرية، ومصفوفة قيم متوارثة بين الأجيال تُقيد نمط التفكير وتؤثر على طريقة التفسير، وقد يكون الموروث عابر للأيدلوجيات، ومتجاوزًا للمذاهب، ومتنقلاً بين الأحزاب السياسية، وعدوى تنتقل بالتَّشَبُّهُ والممارسة؛ وليس للمورث أي علاقة بعدم وضع اليدين فوق بعض (الضم عند الصلاة) أو بـ لبس الساعة في اليد اليمنى!. وعندما نتحدث عن "الموروث الزيدي"، فنحن نستحضر الموروث الزيدي بشقيه السلالي والقَبلي!.


الموروث الزيدي بشقيه هو من قتل حُكام الأرومة اليمانية واستبدلهم بـ أئمة الكهنوتية السلالية من بقايا الدخلاء والغرباء والشظايا!. الموروث الزيدي بشقيه هو من سرب كافة خطط الرئيس الأسبق وسلم رقبته لثلة عصابة من المجرمين، وهو نفسه من استفاد منه طيلة فترة حكمه، وهو من شوه سمعته ووصفه بأقذع الأوصاف وسخر حتى من لقبه، وهو من حمل أبن أخيه مسؤولية ما حدث له وترك الجناة، وهو نفسه من أظهر الرجل السبعيني المنهك جسديًا وسياسيًا والمصاب بحروق أفقدته قدرة الإمساك بكأس على أنه بطل استثنائي أمسك ببندقيته واخترق كافة الصفوف والحواجز وقاتل ببسالة حتى آخر لحظة!.


الموروث الزيدي بشقيه هو من أخفى كافة قوائم من قاتلوا وضحوا بأنفسهم مع الرئيس الأسبق في "الثنية" ولقوا حتفهم، لأن معظم الأوفياء لم يكونوا من أتباع ذلك الموروث، وهو نفسه من أظهر المرافقين الشخصيين للرئيس الأسبق الذين لم يصابوا بأي أذى وما زالوا أحياء يتحدثون، وذلك كونهم تابعين لذلك الموروث!.


الموروث الزيدي بشقيه هو من جعل خطيب جامع الرئاسة "يبترع" بهجة وسرورًا بعد مقتل رئيس الدولة الذي أكرمه، وهو من جعل قبائل الطوق تترك رئيسها الأسبق في اللحظات الحاسمة وتتبرأ منه!. الموروث الزيدي بشقيه هو من وسع فجوة الفرقة والقطيعة بين الأحزاب السياسية، وهو من أحدث شرخًا في المؤسسة العسكرية وتصدعًا بالأوساط الاجتماعية، وهو من قتل الشباب في الساحات وأشعل الفتنة، وهو من فجر جامع الرئاسة برجالات الدولة!.


الموروث الزيدي بشقيه هو من دفع بـ "هادي" إلى كرسي الحكم لكي يتحكم فيه ويسيطر على قراراته، وهو من عطل بعد ذلك معظم أوامره، وهو من أعاق كل تحركاته وشكك به وحاصره بمنزله، وهو من شوه سمعته وحرض أبناء الشعب ضده، وهو من وصفه بأنه ضعيف وهزيل ولا يصلح للقيادة والحكم، وهو من نشر عن هروبه متغطيًا بـ العباءة النسائية ومسدلًا على وجه الخمار "البُرقع"، وهو من أبطل هيكلة المؤسسة العسكرية وعكس مفهومها وأهدافها كونها ستسحب البساط من تحت قدمي ذلك الموروث، وهو نفسه من اعتقل غدرًا "الصبيحي" وعمل سابقًا على تمكّين "الحسني"!.


الموروث الزيدي بشقيه هو من انقلب على المبادرات ونقض الاتفاقات وخان العهود، وهو من فتح الطرقات للعصابة السلالية وسلمها مؤسسات الدولة بشقيها العسكرية والمدنية، وهو من زور الكشوفات وأكل حقوق الجنود الأحرار الأبطال وأسقط الجبهات، وهو نفسه من أطال أمد الحروب الستة الأولى للابتزاز والتخلص من بعض الأطراف، بل ومكّن العصابة الإجرامية تحت ذريعة "الرقص على رؤوس الثعابين"!.


وقبل ستة عقود في التاريخ المعاصر، الموروث الزيدي بشقيه هو من أزال معظم الأحرار الصادقين من قادة الحركات الوطنية السابقة بالتخلص أو النفي أو التشويه، واستبدلهم بشخصيات كل ما تمتلكه من قدرات أنها تنتمي لذات الموروث!. الموروث الزيدي بشقيه هو من أعاق الثورة الجذرية وعمل على تبديلها بـ "التكتل الثالث"، وهو من أبطل متطلبات الحلول الشاملة عبر المصالحة الجمهورية الملكية، وهو من نفى "السلال"، وهو من شل حركة "الإرياني" وانقلب عليه ووصفه بأنه شحيح ولا ينفع للقيادة والحكم!. الموروث الزيدي بشقيه هو من عمل على تمكين "الحمدي" لتثبيت أصحاب الموروث بمفاصل الدولة العليا والمتوسطة، وهو نفسه من غدر بـ الحمدي وتخلص منه في نهاية المطاف!. وتاريخيًا، الموروث الزيدي بشقيه لا يهب لإغاثة الملهوف ولا لنجدة الغريق ولا لإنقاذ الوطن والمواطن؛ وإنما يهب لمساندة قاتليه وجلاديه ومحاربة كل من يريد أن يخرج الوطن والمواطن من الظلام الدامس إلى النور!.


ختامًا، الموروث الزيدي بشقيه لعنة أحرقت الأرض، ومصيبة حلت بالجبال، ونقمة نالت من الوديان، وأذى أضر بالتهائم والسهول، وبلاء أصاب الإنسان اليمني، ومرض عضال جعل أكبر المثقفين والمفكرين ممن يحملوا ذلك الموروث ينحنوا بمجرد سماعهم لمفردتي "الآل أو الزيدية"!. إضافة لذلك، يحاول "الموروث الزيدي بشقيه" اليوم أن يخترق كافة الحركات الوطنية المناوئة لسرطان الموروث، ويعمل جاهدًا على تفكيكها والسيطرة عليها، والمثير للاشمئزاز والأحباط معًا بأن بعض الحركات الوطنية ذات الموروث القومي المناقض لذلك، لم تستفد من التجارب التاريخية ولم تأخذ بعين الاعتبار كافة الدروس المستفادة السابقة، ويسهل التلاعب بها من قبل "الموروث الزيدي بشقيه"!.