الزعيم علي عبد الله صالح والمعركة الأخيرة، فلم وثائقي عرضته قناة العربية أعاد الشعب اليمني الى مراحل نضال الشهيد على مدى ثلاثة عقود من الزمن منذ انتخابه رئيسًا للجمهورية ومرورًا بتحقيق الوحدة اليمنية والحروب الستة ضد الحوثيين التي قُتل فيها حسين بدر الدين الحوثي وما تبعها من متغيرات شهدتها الساحة اليمنية بعد فوضى ساحات 2011 وتسليمه السلطة سلميًا الى نائبه عبد ربه منصور هادي وتحوّله الى المعارضة من خارج السلطة، ووصولًا الى انقلاب الحوثي وإعلان الزعيم الانتفاضة إلى أن استشهد وهو يدافع عن الجمهورية من الإماميين والذي قال عنهم : لقد ظلموا الشعب اليمني خلال الثلاث سنوات اكثر من ظلم الإمام يحي وحميد الدين.
تحالف غير حقيقي
هناك من يأخذ على الزعيم تحالفه مع الحوثي والواقع يكشف وبشهادة نجله مدين وحراسته بأنه تحالف أمر واقع وتمديد فترة حينما كانت الظروف المحيطة الدولية والاقليمية ضده، تحالف كان للتعايش والتأقلم مع الوضع وعدم الخروج من صنعاء
أي أن الظروف هي التي أجبرت الرئيس صالح على مثل هكذا خطوة، وهو من قال: "سوف أتحالف مع كل من يحافظ على مقدرات الشعب والدولة".
تحالفه وصف بأنه غير حقيقي حتى لا يترك الساحة للحوثيين يلعبون فيها كيفما شاءوا .
صراع دامٍ
وقف الزعيم ضد طموح القادمين من خارج التاريخ لزعزعة النظام الجمهوري والعودة بالوطن الى عهد الإمامة المتخلفة. ولهذا شاهدناه يدخل في صراع دامٍ مع تلك العصابة المارقة حينما وجد ان الحوثيين يعملون بشكل متسارع على إعادة هيكلة كيان الدولة وفق رؤية سياسية وايدلوجية وطائفية يمارسون الإقصاء والتنكيل ضد من يختلف معهم، وشرعوا في تشكيل مجلس رئاسي ومجلس وطني ومنح السلطة المطلقة للجنة الثورية.
هنا أنهي صالح التحالف وأعلن الانتفاضة حفاظًا على مقدرات الشعب والنظام الجمهوري من أن يطالها العبث.
عارضهم بكل ما أوتي من قوة، سعى الى نقل سلطه هادي بعد هروبه من صنعاء الى رئاسة مجلس النواب، إلا أن الحوثي أصدر إعلانًا دستوريًا بحل البرلمان، وتعليق العمل بالدستور جزئيا، وأصدر المؤتمر الشعبي بيانًا يرفض تلك الإجراءات غير الدستورية، وافشلته كتلته في البرلمان. ولهذا وجد الحوثي ان الزعيم يشكل حائط صد لمخططاته المرسلة من طهران فكانت المواجهة بسلاح الدولة للقضاء عليه بتوجيه من طهران، إلا أن شعبية الزعيم كانت تحول دون ذلك، وظهرت تلك الشعبية في الانتفاضة والالتفاف الجماهيري الكبير التي تمكن فيها الشهيد من السيطرة على عدد من المحافظات وخلت العاصمة صنعاء من المليشيات وظهر زعيم الارهاب عبد الملك الحوثي يناشد ويتوسل صالح بالتوقف فكانت المعركة والتي وصفها نجله مدين بغير المتكافئة من حيت العدة والعتاد والتي فضّل فيها الزعيم علي عبد الله صالح ان يخوضها بشجاعة رافضًا الوساطات والعروض بتأمين الخروج من صنعاء، وكيف ان رفيق دربه عارف الزوكا ظل حاملًا سلاحه يواجه مليشيا الحوثي حتى آخر يوم من عمره.
وهو ما أكده نجل عوض الزوكا من ان والده رفض وساطة عمانية تؤمن الخروج من صنعاء والتي اعتبر الحديث عن مغادرة صنعاء خطًا أحمرًا، وان والده فضَّل القتال مع صالح وقال: إما أن نعيش سويا او نموت سويا إلى أن استشهد
تغيير مكان المعركة
عقب ثلاثة أيام من المواجهات مع مليشيا الحوثي حول المنزل ، قرر صالح الانتقال نحو حصن عفاش في سنحان بعد أن ادرك ان المعركة محسومة لصالح المليشيا وهذا يعتبر تكتيكًا عسكريًا من رجل عسكري بحجم الشهيد صالح نقل المعركة من مكان مغلق الى مكان مفتوح، وليس هروبًا كما يصوره الفاشلون والحاقدون، ولو كُتب النجاح لتغيرت المعادلة وكان الحوثي الآن شاردًا في جبال و كهوف مران
يقول مدين الذي ظل متواجدًا مع والده، إن الزعيم صالح رأى ان الانتقال الى قرية "حصن عفاش" في مسقط رأسه بمنطقة سنحان جنوبي صنعاء ، يمكن ان يُغير المواجهة مع مليشيا الحوثي لصالحه فقرر إخراج 3 مواكب من عربات مصفحة من داخل منزله في صنعاء المعروفة بالثنية ، اثنين منهما للتمويه والثالث كان بداخله هو وصالح والأمين العام لحزب المؤتمر عارف الزوكا.. وتمكّن الموكب الذي كان بداخله صالح من مواجهة كمائن مليشيا الحوثي على طول الطريق من داخل منزله بمنطقة حدة حتى خروجه خارج صنعاء باتجاه سنحان ، إلا أن الموكب وقع في كمين كبير للحوثيين، في قرية الجحشي الواقعة على الطريق ونتيجة اطلاق النار الكثيف أصيب الزعيم بطلقتين في ساقه وفي صدره، قبل مقتله، حيث اشتبك مع الحوثيين مباشرة، بعد إعطاب السيارة الوحيدة التي نجت من الكمائن، وحاول الأمين العام عارف الزوكا الوصول الى قرية الحصن، بينما تم اعتقاله من قبل الحوثيين مع آخرين.
الرحمة والخلود لشهيد الامة
الرحمة والخلود للزعيم صالح الذي لا تزال كلماته الأخيرة تتردد على مسامعنا "يكفينا ظلمًا من الأئمة ثوروا ثوروا ثوروا من اجل الحفاظ على الديمقراطية والحرية و اذا نلت الشهادة فإني سألقي ربي بمسكني ووطني غير عميل".
نعم نلت الشهادة والعزة والكرامة وسيُسجل التاريخ بأحرف من نور تلك التضحيات، وستخلد ذكراها كافة الأجيال المتلاحقة، كيف ان زعيمًا عربيًا ضحى من أجل وطنه وفضَّل الشهادة على ترك المعركة والهروب إلى خارج الوطن.