آخر تحديث :الأربعاء-09 يوليو 2025-09:36ص

العمالة والارتزاق .. خيانة وطنية مفضوحة وعارٌ لا يبرّره مال ولا شعارات!

الأربعاء - 09 يوليو 2025 - الساعة 01:05 ص

نزار الخالد
بقلم: نزار الخالد
- ارشيف الكاتب


في زمن الانكسار الوطني والتشظي القيمي، يخرج علينا البعض متباهين بعمالتهم وارتزاقهم، ويطلقون على خيانتهم أسماء براقة منمّقة مثل "مشاريع وطنية" و"رؤى إنقاذية"، بينما هي في الحقيقة ليست سوى أدوات هدم، ومناشير تقطع ما تبقى من أوصال الدولة اليمنية.

في زمن الخديعة الكبرى، يتقدّم إلى الواجهة من باعوا الوطن بثمن بخس، ويرفعون رؤوسهم بوقاحة وكأنهم أصحاب مشروع، لا مجرد أدوات في أيدي الغير. صار المرتزق يُنصّب نفسه "مناضلاً"، والعميل يتحدث عن "الوطن"، وكأن خيانة المبادئ أصبحت وجهة نظر، وبيع المواقف صار من متطلبات المرحلة!

هكذا يُزيف المشهد، وتُغسل الخيانة بلغة المصالح، وتُزيَّن العمالة بشعارات "الدعم الدولي" و"التمويل الخارجي"، بينما الحقيقة صارخة: العمالة عمالة، والارتزاق ارتزاق، ولو غُلِّف بألف شعار!.

في كل القوانين والأعراف، العمالة تُعد جريمة، وتصل عقوبتها في بعض الدول إلى الإعدام، لأنها تعني التفريط بالسيادة، والانخراط في مشاريع خارجية تستهدف الوطن. لكن، ويا لسخرية الزمن، في اليمن صارت العمالة شطارة وبطولة، ويُمنح مرتكبوها الألقاب والصفات الوطنية، ويُدعون إلى المؤتمرات، ويُمنحون المنصات، وتُنسج لهم القصص عن "الحنكة" و"الذكاء" و"الدهاء السياسي"، في حين أن حقيقتهم أنهم مجرد أدوات رخيصة بأثمان بخسة.

ينشئون التكتلات والتجمعات والائتلافات، لا حباً في الوطن، بل شغفاً بالدولار، وحجراً جديداً في قصر المصالح. تجمعات هشة، تُولد في غرف مغلقة وتُغذى من حسابات خارجية، شعارها "من يدفع أكثر"، وغايتها تحصيل المكاسب، ولو على حساب دماء الناس وكرامتهم.

أصبحت الساحة اليمنية تعجّ بتكتلات ومنظمات وتجمعات لا هدف لها إلا ارتزاق ممول، وتقديم فروض الولاء للخارج، على حساب تراب اليمن وكرامة المواطن. يسوقون مشاريعهم على أنها وطنية، بينما هي مشاريع ارتزاق ممولة، تعمل على تمزيق الصف الجمهوري، وإفشال كل مبادرة وطنية صادقة لاستعادة الدولة.

لا نحتاج إلى تكتلات بتمويل مشبوه، بل إلى رجال بأرواح طاهرة، لا يُشترون ولا يُباعون.

أي وطنية تلك التي يذهب أصحابها بعد الاجتماعات إلى كتابة التقارير المرسلة إلى جهات التمويل؟

أي سيادة تُبنى على التبعية، وأي سيادة تحسب على الولاء للخارج؟

أي مشروع وطني يبدأ بتمويل أجنبي وينتهي بخيانة الداخل؟

التفاخر بالخيانة.. سقوط أخلاقي مدوٍّ

أكثر ما يُدمي القلب هو أن نرى من يتفاخر بعمالته، كأنها بطولة، ويتحدث عن "علاقاته الدولية" كأنها وسام شرف. والحقيقة أنها وصمة عار، تلاحقه حيثما ذهب، وستكتُبها الأجيال القادمة في قائمة الخزي، لا في سجل الفخار.

العميل يبقى عميلاً مهما تلوّن، والمرتزق يبقى مرتزقاً مهما ادّعى الوطنية. ومن كانت بوصلته المال، لا يمكن أن يهتدي إلى طريق الوطن مهما حفظ من شعارات.

كلمة الفصل:

دعونا نقولها بوضوح لا لبس فيه:

الارتزاق ليس سياسة، بل خيانة ،العمالة ليست خياراً، بل سقوطا. والتكتلات الممولة ليست مشاريع وطنية، بل أدوات هدم من الداخل.

الوطن لا يُبنى بتمويل مشبوه، ولا يُصان بأقلام مستأجرة، ولا يُحرَّر بأصواتٍ مرتهنة.

الوطن يصنعه الشرفاء، أولئك الذين لا يبدلون جلدهم، ولا يُحنون رؤوسهم، ولا يبيعون ترابه مهما اشتد الجوع وضاق الحال.

فليس كل من تحدث باسم الوطن ورفع شعاره، كان حقاً من أبنائه..

فالوطنية ليست ما يُقال، بل ما يُدفع من ثمن لها

هؤلاء لم يعودوا مجرد مرتزقة، بل صاروا خناجر مسمومة في خاصرة الوطن، يطعنون دون وجل، ويبتسمون في وجه الوطن وهو ينزف. والمضحك المبكي، أنهم يتحدثون عن رؤية وطنية، وهم أول من أعاق استعادة الدولة، وعرقل مساعي لمّ الشمل، ورفضوا حتى العمل تحت راية واحدة لمواجهة العدو المشترك: مليشيا الحوثي الإرهابية.


إن ما يحدث اليوم هو تقويض حقيقي للهوية الوطنية، فكل يوم يولد كيان جديد، ومنظمة جديدة، وتجمع مدعوم، والهدف: لا شيء سوى المال والشهرة والتمجيد الذاتي.

نعم، ما يسمى بـ "مشاريع وطنية" لم تعد إلا أسماء مستعارة للعمالة.

والمخزي أن هناك من يرعاها، ويدعمها، ويمنحها الغطاء، متناسياً أن التاريخ لا يرحم، وأن الوطن لا ينسى من طعنه.

رسالتنا اليوم واضحة وصريحة:

العملاء لا يصنعون وطناً.

المرتزقة لا يُبنون دولة.

وكل من يسوّق للعمالة تحت عباءة الوطنية هو خائن صريح مهما غلّف أقواله بشعارات مموهة.

إننا نعيش مرحلة مفصلية، يتوجب فيها على كل القوى الوطنية الشريفة أن تتوحد تحت راية الدولة الشرعية، وتطهر الصف الجمهوري من كل العناصر الدخيلة، وأن ترفض كل المشاريع التي تهدف لشراء الولاءات وشق الصف.

فاليمن لا يُباع، والسيادة لا تُؤجّر، والوطن لا يُدار كمنظمة مرتزقة!

عاشت الجمهورية اليمنية،

وعاش الأحرار،

وسقط العملاء والمرتهنون!