آخر تحديث :الإثنين-30 يونيو 2025-01:33ص

"الهضبة" ليست تهمة... عدونا من يرفض الدولة

الإثنين - 30 يونيو 2025 - الساعة 01:19 ص

بسام احمد البرق
بقلم: بسام احمد البرق
- ارشيف الكاتب


تخيل أن تكون مواطنًا بسيطًا من ذمار أو عمران أو صعدة، وتحاول فقط ان تعيش… ثم تستيقظ يومًا لتكتشف أن اسم منطقتك صار تهمة، ومكان ولادتك صار لعنة سياسية.


هذا هو مأزق "مصطلح الهضبة" الذي تحول من تحليل سياسي، إلى اختزال قاتل يجرّم الناس بالجغرافيا.


صحيح أن النظام السابق اعتمد بشكل كبير على نخبة من مناطق معيّنة، لكن هل كانت تلك النخبة تمثل كل أبناء تلك المناطق؟

هل سألنا أنفسنا:

كم من شاب فقير من صنعاء أو عمران، حُرم من التعليم، وزُجّ به في معسكر، ودُفع ليقاتل دون أن يفهم لماذا؟

هل كل من يعيش في "الهضبة" مسؤول عن القصور الجمهوري؟

وهل لم يكن للنظام أدوات من الجنوب، وتعز، والحديدة، ومأرب أيضًا؟

هل ننسى أن كثيرًا من أبناء "الهضبة" وقفوا في صف الدولة المدنية وواجهوا السجون والاختطاف والتشويه مثلنا تمامًا؟


"الهضبة" ليست كتلة صلبة من الأعداء، بل منطقة مليئة بالتنوع والتناقضات مثل أي مكان.

فيها المثقف والمدني، وفيها العاجز والمخدوع، وفيها من كان ضد النظام ودفع الثمن.


قسوة المصطلح أنه لا يميز.

لا بين ظالم ومظلوم، لا بين سجان وسجين، لا بين من قاتلنا ومن وقف معنا.


ثم لنسأل أنفسنا سؤالًا أكثر إيلامًا:

كم من مثقف مدني من تعز أو عدن أو إب، صمت عن القتل والتجويع، فقط لأن الجاني من حزبه؟

هل نُبرّئ مناطقنا تلقائيًا لأننا ننتمي إليها؟

أم نحاكم الجميع بنفس ميزان القيم، لا بموقع الجبل أو السهل؟


ما تحتاجه اليمن اليوم ليس المزيد من الخنادق… بل أن نكسّر الخنادق،

ونعيد تعريف العدو على حقيقته:

ليس "ابن منطقة"، بل من يرفض الدولة، ويُصرّ على أن تبقى اليمن مزرعة لقبيلة أو حزب أو سلالة.


المعركة الحقيقية ليست بين "تعز" و"الهضبة"،

بل بين من يريد دولة مدنية…

ومن يريد دولة الغلبة.


لا تكرّسوا الكراهية بمصطلح لا يُسقط إلا الفقراء من كل الأطراف.

فكروا بعقل وطن، لا بردّة فعل.