في زمن التحديات المصيرية، والتهديدات المتشابكة التي تعصف بمنطقتنا العربية من المحيط إلى الخليج، تبرز مصر ـ كما كانت عبر التاريخ ـ حصن العروبة وقلعة الصمود، بما تمتلكه من ثقل حضاري، ومكانة استراتيجية، ودور مركزي في منظومة الأمن القومي العربي.
ومن هنا، فإن الاصطفاف في خندق الدولة الوطنية المصرية لم يعد مجرد خيار، بل ضرورة قومية وواجب أخلاقي على كل عربي أصيل يؤمن بعروبته ويحرص على بقاء هويته.
لم تكن مصر عبر العصور دولة تبحث عن مصالحها الضيقة فحسب، بل كانت دائماً حاملة للواء الدفاع عن القضايا العربية، في مقدمتها قضية فلسطين، وملف وحدة الصف العربي، ومجابهة التدخلات الإقليمية والدولية في شؤون الدول العربية. وحين تتعرض الدولة المصرية اليوم لمحاولات استهداف، سواء عبر أدوات إعلامية خبيثة، أو محاولات اختراق داخلية أو تهديدات أمنية واقتصادية، فإن هذه ليست استهدافاً لمصر فقط، بل لكل بيت عربي.
إن مصر القوية تعني أمة عربية صامدة. ومصر المستقرة تعني عمقاً استراتيجياً لكل دولة عربية تسعى للاستقلال والتنمية. ولولا قوة الدولة المصرية ومؤسساتها، لانهارت العديد من السدود أمام مشاريع التقسيم والفوضى، التي وجدت لها طريقاً إلى عواصم عربية كانت ذات يوم آمنة.
إن الحفاظ على الدولة الوطنية المصرية بكل مؤسساتها وهويتها الجامعة ليس فقط مصلحة مصرية داخلية، بل هو ركيزة من ركائز الأمن القومي العربي. فالدولة المصرية تقف اليوم في وجه مشاريع الإخوان والفوضى الخلاقة، وتتصدى لمحاولات تفكيك المجتمعات على أسس طائفية أو أيديولوجية، وهي تخوض معركة تنموية شاملة تسعى لنقل مصر إلى مصاف الدول الكبرى رغم التحديات.
وفي خضم تلك المعركة، تحتاج مصر إلى دعم كل عربي حر، يرى في الدولة الوطنية درعاً يقي من التشرذم والانهيار، ويؤمن أن لا تنمية ولا سيادة ولا حرية بدون دولة قوية تمتلك قرارها، وتحمي مؤسساتها من العبث.
الاصطفاف خلف الدولة الوطنية المصرية لا يعني فقط كلمات المديح أو التغني بالأمجاد، بل هو التزام عملي يتمثل في الدفاع عن مصر في وجه الحملات الإعلامية الممولة، والوقوف ضد كل من يسعى لتشويه صورة الدولة ومؤسساتها، أو يحاول زرع الفتنة بين المصريين. كما يتجلى الاصطفاف في دعم خيارات الشعب المصري واحترام قراراته، وفي تعزيز التعاون العربي مع مصر أمنياً، واقتصادياً، وسياسياً، لأن مصير الأمة مترابط، ونجاة أي قطر عربي، تبدأ من حماية القلعة الكبرى: مصر.
و في الاخير هذا الظرف العربي الحرج، لن ينجو أحد بمفرده. إما أن نصطف جميعاً خلف الدولة الوطنية المصرية كرمز للوحدة والكرامة والاستقلال، أو نترك ثغرة تنفذ منها مشاريع التمزيق والاحتلال والفوضى. كل عربي أصيل مطالب اليوم، لا بالشعور فقط، بل بالفعل والقول، أن يقولها واضحة: أنا مع الدولة المصرية، لأنها بوصلتي إلى مستقبل عربي آمن.
وإننا على يقين، أن مصر التي أنجبت جمال عبد الناصر، وأطلقت شرارة الاستقلال العربي، قادرة اليوم بقيادتها وشعبها وجيشها ومؤسساتها، أن تكون مجدداً طليعة الخلاص العربي، إذا ما وُجد لها الظهير الشعبي العربي، والسند القومي الواعي.
فالاصطفاف خلف مصر اليوم، هو الاصطفاف خلف فكرة الأمة ذاتها.