آخر تحديث :الجمعة-13 يونيو 2025-07:48م

‏نافذة إلى السماء

الخميس - 12 يونيو 2025 - الساعة 10:44 م

سمير اليوسفي
بقلم: سمير اليوسفي
- ارشيف الكاتب


كل ليلة… نموت.

نُغمض أعيننا فنغيب عن الدنيا، ثم نعود فجأة لنفتحها صباحًا، كأن شيئًا لم يكن.


لكن القرآن لا يرى النوم مجرد راحة للجسد.

بل يراه آية… ومعبرًا.

يسميه سباتًا، ويضعه في قائمة “من آياته”.


في تأملات الباحث السوداني ياسر العديرقاوي، الذي قدّم سلسلةً مكثفة عن النوم في القرآن، نكتشف أن هذه الغفوة اليومية ليست مجرّد استراحة… بل عبور خفي.

عبور تنفصل فيه الطبقات الثلاث:

الجسد يسكن،

النفس تُرفع،

والروح؟

تدخل في سرّ لا يعلمه إلا الذي خلقها.


في لحظة النوم، لا تسقط الأجفان فقط، بل تُفتح أبواب الغيب.

الله يتوفى الأنفس، فيمسك من انتهى أجله، ويعيد من كُتب له الصباح.

النوم، كما وصفه بعض العلماء، هو “الموت الأصغر”.


تنام… فتُختبر.

ترى ما لا يراه الجالسون مستيقظين،

وتسمع ما لا يُقال،

وتغوص روحك في مملكة لا حدود لها.


وقد تأتيك رؤيا…

ومَن صدق لسانه، صدقت رؤياه.

ومَن صفت روحه، استقبل الرسائل.

الرؤيا، كما ورد في الأحاديث، جزء من النبوة.


النوم ليس هروبًا… بل عودة.

عودة إلى الداخل.

طهارة، آية، أذكار، تسليم… ثم غفوة تشبه التسليم الأخير.


ثلث عمرنا نوم؟

ربما لأننا نحتاج وقتًا كافيًا لنُنقّي الجسد، ونُهذّب النفس، وننصت لهمس الروح.


النوم ليس غيابًا… بل حضور من نوع آخر.

والرؤيا ليست خيالًا… بل قبس لمن انتبه.


فلا تستصغر لحظة الإغماض…

فلعلّ نوم هذه الليلة،

هو نافذتك… إلى السماء.