آخر تحديث :الخميس-12 يونيو 2025-10:26ص

على تلة "أُمرانو"

الأربعاء - 11 يونيو 2025 - الساعة 12:20 ص

نشوان العثماني
بقلم: نشوان العثماني
- ارشيف الكاتب


قصة قصيرة..


على تلة "أُمرانو"


ذهب صلاح علي صلاح إلى الحانة المجاورة لمنزله في شارع أبي نواس، على تلة مطلة على نهر "أمرانو"، وهو يبحث عن هدوء يتخطى ضجيج الأيام الأخيرة التي ملأتها الأحداث.


كان الهواء عليلًا والموسيقى تهدهد المكان بلحن فنلندي قديم.

جلس صلاح في الزاوية المفضلة له، وما إن التفت نحو البار حتى شهق خفية: "ماجد الداعري هناك، يشرب البيرة بهدوء، وإلى جانبه فتاة فنلندية ذات رداء صيفي خفيف لا يستر سوى القليل، تضحك له وتمسح شيئًا من الزبد عن شفتيه."

لم يصدق عينيه.

قبل يومين فقط، كان ماجد قد كتب منشورًا طويلاً عن العفة، والشرف العربي، وفضائل غطاء المرأة، مستشهدًا بفتاوى عابرة للقرون ومرويات عن نساء بني تميم.


أخرج صلاح هاتفه واتصل فورًا برزاق عزعزي:

ــ "افتح الواتس. صورة حصرية. لا تنشرها."


في تلك اللحظة دخل بسام غبر، يحمل كتابًا مفتوحًا على صفحة عنوانها: "الارتباك العميق في الوعي العربي"، وجلس دون أن ينتبه للمشهد. وبعد دقائق، انضم إليهم بسام القاضي، وكان غاضبًا من مقال نشره موقع "سرد" الأدبي، الذي يترأسه وائل القباطي، قبل يومين يتهم فيه المثقفين بأنهم "أصدقاء السلطة"، ووصف بسام بأنه "آخر القلاع التي توشك".


وائل نفسه دخل الحانة بعد قليل، كأن القدر أراد أن يجمعهم في مسرح واحد. لمح الصورة بجانبه، كان رزاق قد أرسلها إلى حنين انطون، التي كانت تكتب نصًا شعريًا بعنوان "رامنارو"، عن التناقض البشري، وكانت تقول دائمًا:

ــ "ما أكثر الوعظ!"


وقفت الفتاة العشرينية عند باب الحانة، رأت ماجد وصديقته، وصلاح يتابع المشهد، ووائل يحاول شرح المقالة للقاضي، ثم أخرجت دفترها وكتبت:

"جاؤوا للهرب قليلًا من أنفسهم، فوجدوا كل شيء في الطاولة المقابلة."

تبتسم، وتضيف: "مهما كانت الحقيقة بدون ملح، لكنها أحق أن تروى."


- وجب التنبيه أن الأسماء مستعارة، ولا تنطبق على أحد.