آخر تحديث :الثلاثاء-27 مايو 2025-09:56م

الحوبان .. واحة فساد في ظلال الحوثيين

الإثنين - 26 مايو 2025 - الساعة 11:56 م

نزار الخالد
بقلم: نزار الخالد
- ارشيف الكاتب


في زاوية معتمة من خارطة اليمن الجريح، وتحديدًا في منطقة الحوبان شرق تعز، تتكشف واحدة من أبشع صور الفساد المسكوت عنه، حيث تتماهى السلطة مع النفوذ، ويُستبدل القانون بإرادة "المشرف"، ويصبح المواطن فريسة في سوق مفتوحة للنهب تحت سطوة السلاح.


ليست الحوبان مجرد منطقة واقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، بل تحوّلت إلى نموذج مرعب لدولة داخل الدولة، تدار بمنطق الجباية والتخويف، وتُشرعن فيها المظالم عبر شعارات خادعة كـ"تنظيم الأراضي" و"مكافحة الفساد". والنتيجة: أراضٍ تُصادر، بيوت تُنهب، ومواطنون يُرغمون على التنازل عن حقوقهم، أحيانًا تحت فوهة البندقية، وأحيانًا بأختام لجان عبثية لا تعرف شيئًا عن القانون أو العدالة.


ما يُروى من شهادات حية على وسائل التواصل الاجتماعي، وما يُوثق من مشاهد بالصوت والصورة، يكشف عن فساد ممنهج لا تقف وراءه عصابات منفلتة، بل يُدار من غرف مغلقة، وبعلم، بل وبمباركة من قيادات حوثية نافذة. قضاء مغيب، وإعلام صامت، وناشطون يُلاحقون لمجرد رفع الصوت.


الخطير في الأمر ليس فقط ما يحدث، بل ما لا يحدث: لا تحقيقات، لا مساءلة، ولا حتى تغطية إعلامية، وكأن هناك اتفاقًا ضمنيًا على إبقاء الحوبان خارج الضوء، وخارج الحساب.


نقولها اليوم بوضوح ما يحدث في الحوبان ليس شأناً محليًا معزولًا، بل جريمة عامة بحق الكرامة اليمنية.

وكل لحظة صمت عنها، هي شراكة – وإن غير معلنة – في استمرارها.


لقد آن الأوان لكسر هذا الصمت، ولتحويل أنين الضحايا إلى صرخة مدوية في وجه الاستبداد المقنّع بمحاربة الفساد.

فالحوبان ليست بعيدة عنّا، بل أقرب إلى الضمير مما نظن.

وما يُنهب هناك من أرض وحقوق، يُنهب بالتوازي من رصيد هذا الوطن في العدالة والمستقبل ... وقد اصبح واحة للفساد المسكوت عنه في ظلال الحوثيين.