لبعض رفاقنا المثقفين نظرة غير موضوعية أو وازنة أحيانا تجاه القبيلة ورموزها من المشايخ والأعيان، عادة ما يدمغونهم بتُهمٍ غير صحيحة، لعل أبرزها أنهم يعيقون قيام الدولة.
أقول: هذا الكلام ــ على إطلاقه غير صحيح، للأسباب التالية:
1ــ القبيلة أصل الإنسانية قاطبة، ومن القبيلة تحدرت كل المدنيات، لا في الشرق فقط، ولكن في الغرب أيضا. ألم يتحدر الألمان من قبائل الجرمان؟ ألم تأتِ المدنية الفرنسية من قبائل الوندال، ألم تنشأ بريطانيا من قبائل السكسون؟
2ــ القبيلة في اليمن امتداد مدني، حضاري، عريق، منذ قديم الزمان، وكانت "الأقيالية" و "الأذوائية" مؤسسة رسمية من مؤسسات الدولة، وليست تقليدية "فلوكلورية" كما هو الشأن مع قبائلية وسط أفريقيا مثلا.
3ــ الجزيرة العربية جميعها أرومة واحدة، وجنس واحد، وبين يدينا اليوم شيوخ وقبائل الخليج العربي، قدموا نموذجًا مدنيا باذخًا في بناء الدولة المدنية الحديثة؛ بل والرقمية؛ وبالتالي تسقط نظرية القائلين بأن القبيلة أو المشيخة ضد الدولة.
4ــ لدينا في اليمن نماذج مشيخية مدنية متقدمة، ساهمت في صناعة الدولة، وقدمت نموذجًا إيجابيا كبيرا، كمشيخة آل نعمان في الحجرية على سبيل المثال، كانت من كبار المشيخات القبلية في اليمن، وكان هؤلاء في نفس الوقت من كبار المناضلين الأحرارا والمثقفين والساسة.
ولا ننسى الثائر القردعي نفسه، كان شيخًا قبليا. المناضل أحمد عبدربه العواضي، شيخ قبلي مرموق.
5ــ قدمت كثيرٌ من الرموز القبلية اليوم نموذجًا محترما في الموقف من مليشيات الحوثي، وانحازت للدولة، في الوقت الذي تمالأت فيه مع هؤلاء الكهنة أقلام ثقافية وأدبية كبيرة، في معادلة لا تتعادل، ومنطق لا يتمنطق..!
6ــ في كل المجتمعات، وفي كل زمان ومكان هناك تيارات وقوى ورموز تقف ضد الدولة، ومن مختلف الفئات، وتأتي قيادة الدولة لفرض قانون الدولة على الجميع. وما من جماعة أو فئة إلا وتتمرد على الدولة، إذا كان التمرد متاحًا لها.
7ــ أخيرا، المشايخ منا ونحن منهم، والتمترس خلف مفاهيم "مثالية" روج لها بعض متطرفي اليسار سابقا لا يعدو أن يكون فصاما مجتمعيا يخلق حالة من التمايز السلبي بين أبناء المجتمع الواحد.
د. ثابت الأحمدي