الإشادة بمسؤول أنجز مهامًا استعصت على من سبقوه، ليست تطبيلًا، بل تشجيعًا وتحفيزًا، وربما لفت نظر بأننا نتابعه، ونراقبه.
كان رئيس الوزراء الأسبق معين عبدالملك صديقي، وكان، بالإضافة إلى كونه مسؤولًا أعلى مني، واثق بأنه لا يملك لي ضرًا ولا نفعًا، لكنه في الواقع كان يستطيع أن يضرني أو ينفعني. ولو أردت التطبيل له، لفعلت ذلك مجاملةً على الأقل كصديق، وبحبكة لا يملك من يقرؤها أو يسمعها إلا أن يقول: أنصفت الرجل.
كانت علاقتي به في أرقى صورها، لكن عندما لامست سوء إدارته، أو لنقل عجزه عن حل مشكلة الكهرباء، وهي خدمة تمس استقراري وصحة أطفالي كمقيم في عدن، استجمعت معلوماتي ووجهت له نقدًا علنيًا على وسائل الإعلام.
الناس تنسى سريعًا، فقد مرّت أشهر عديدة على نقدي لمعين. لكن قبل اسابيع قليلة حينما لازال أحمد عوض بن مبارك رئيساً للحكومة، هو الآخر صديق ومسؤول أعلى مني، لا يملك لي ضرًا ولا نفعًا، لكنه يستطيع أن يضرني أو ينفعني. ومع ذلك، وفي الملف نفسه، انتقدت أداءه علنًا على شاشات التلفزيون.
تحديداً بابن مبارك كنت أؤمن به، شابًا وقياديًا، تابعت تجربته السياسية عن قرب، زاملته في الوظيفة العامة، وراقبت أداءه عملياً، وراهنت عليه، وعندما تعثر، فلا مجال عندي للمجاملة.
ولو أردت التطبيل لأحد، لفعلتها مع بن مبارك، لا مجاملة، بل عن انطباع سابق اوحى لي بالثقة، وسيكون تطبيل بحبكة لا يملك من يسمعها أو يقرؤها إلا أن يقول: شكراً لك، أنصفت الرجل.
واليوم، أتابع سالم بن بريك، ليس صديقي.
أراه يحقق في ملف الكهرباء ما عجز عنه من سبقوه، وعلى صعيد العملة يصلح ما أفسده العدو بعد الصديق. يتعامل بعقلانية مع القيادة السياسية، وبواقعية مع المكونات الوطنية، ويولي اهتمامًا دقيقًا بالتفاصيل الإجرائية والروتينية التي لا تقوم حكومة حقيقية إلا بها.
ألا يلزمني هذا أن أشيد به؟ أن أبعث برسائل طمأنينة للشارع؟ خصوصًا في مرحلة تنهار فيها الثقة بين المواطن والمسؤول؟ أليس من الشجاعة أن نشيد بالصواب كما ننتقد الخطأ؟
في رأيي، المتابع والمطلع، بن بريك رجل دولة حقيقي، كما وصفته في منشوري السابق، بل هو أكثر من ذلك: رجل حكيم، حريص، ولا أدل على ذلك مما يلمسه المواطن اليوم في الخدمات وسعر الصرف، وبالإضافة إلى ما أعرفه من تفاصيل اجتماعاته وتعامله يعطيني كامل الحق في ما أقول.
جمعة مباركة.