في مشهد يعبّر عن قمة العبث والارتهان السياسي، تفشل السلطة المحلية في محافظة تعز في استكمال مشروع "مياه الشيخ زايد بن سلطان" في منطقة الضباب، وهو المشروع الحيوي الذي تتبناه خلية الأعمال الإنسانية التابعة للمقاومة الوطنية، والذي يهدف إلى تزويد مدينة تعز بمياه عذبة تقدر كميتها بين 6 إلى 7 ملايين لتر يومياً، بتكلفة إجمالية تصل إلى 10 ملايين دولار أمريكي.
هذا المشروع الذي يُفترض أن يشكل نقلة نوعية في حياة أبناء المدينة، تم إيقاف العمل فيه في منتصف الطريق دون أسباب واضحة أو مبررات معلنة، رغم جاهزيته للتنفيذ ووضوح أهدافه التنموية والإنسانية.
في المقابل، شهدت مدينة تعز ورشة عمل تحت عنوان "مبادرة المياه من أجل السلام"، برعاية منظمات دولية مثل اليونيسف، وحضور محافظ المحافظة نبيل شمسان، ومدير المؤسسة المحلية للمياه، وممثلي الأمم المتحدة، جرى خلالها طرح فكرة إعادة تشغيل خطوط المياه القادمة من منطقة الحوبان الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية إلى خزانات المؤسسة العامة للمياه في المدينة، التابعة للسلطة الشرعية.
هذه الخطوة لم تُقرأ في إطار حل إنساني، بقدر ما اعتُبرت وبحق محاولة لتسليم مؤسسة مياه تعز بشكل عملي إلى قيادة المليشيات الحوثيية في الجهة المقابلة، التي يقودها المدعو المساوي، وهو ما يفتح الباب واسعاً أمام سيناريوهات خطيرة تمس السيادة على المؤسسات الخدمية في المدينة.
فإذا كانت السلطة المحلية الشرعية قد فشلت في استكمال مشروع استراتيجي ومستقل يموله الأشقاء، فما معنى أن تتخلى عنه لتذهب وتتسول المياه من مليشيات لا تعترف بشرعيتها أصلاً؟ وإذا تم تسليم مؤسسة المياه للمليشيات اليوم، فماذا سيتبقى غداً؟، هل سيكون الدور على الكهرباء، أو التعليم، أو الأمن؟
إننا نُحذّر من هذه المهزلة التي لا تخدم إلا مشروع الحوثي التوسعي، وندعو كافة العقلاء والمكونات السياسية والاجتماعية، والمنظمات المحلية والدولية، وكل أصحاب الضمائر من المثقفين والقيادات العسكرية والسياسية، إلى التحرك العاجل لوقف هذا التوجه المشبوه.
كما نطالب بإعادة العمل فوراً في مشروع مياه الشيخ زايد، وتوفير الحماية السياسية والمؤسسية له حتى يرى النور، لأن مدينة تعز تستحق مشروعاً وطنياً خالصاً يرفع عنها معاناة العطش، لا أن تكون رهينة صراعات ومصالح ضيقة.