هناك مقولة ساخرة قديمة وهي أنه من حقنا أن نحلم ، ولكن الحلم المسموح به هو حلم الزعيم .لطالما حَلُم الناس في اليمن بالأمن والاستقرار وازدهار بلدهم ، غير أن هناك من الزعامات من كان يقرر تفكيك هذا الحلم الكبير ، ويعيد صياغته بأحلام خاصة يستخلصها من ميراث في الحكم يفصل بين حاجات الناس ومتطلبات أمن وسلامة واستمرار الحاكم .لم يفكر الحاكم في الحقيقة التي تقول أن مشروعية حكمه تقوم على تلبية ذلك الحلم الكبير للناس ، باعتباره الجامع الأكبر الذي ينتظم المجتمع في بنيانه السياسي والاقتصادي والثقافي ، ولذلك ظل هاجسه الرئيسي هو تفكيك وإعادة صياغة تلك الأحلام الجامعة بمقاسات تتناسب مع حاجته لإعادة انتاج نفسه في المساحة التي تفصله مسافات ومسافات عن معاناة شعبه وما صاحبها من تضحيات .الزعماء الذين قرروا أن يحلموا نيابة عن شعوبهم، قادوا مجتمعاتهم الى كوارث . عند هذه الزعامات يتجسد الوطن في ذات مشحونة بأحلام خاصة تثمر في نهاية المطاف سجوناً وقوات بطش وفقراً ومدن صفيح ، وأثرياء متخصصون في النهب وصناعة الهياكل المخملية للمخيال السياسي للحاكم بثقوب لا يرى من خلالها سوى ما يسمحون له أن يراه ، وهم الذين يقومون ، بعد ذلك ، بدفنه مع حلمه الذي صنعوه له داخل ذلك المخيال الوهمي مع خواطر بعناوين براقة يتم تعميدها زوراً بختم " الوطن".