استعرض الصحفي علي حسين الضبيبي، اليوم الأحد في قراءة سياسية مطولة، تفاصيل ووقائع قال إنها تعود إلى 16 أكتوبر 2014، حين أرسل حزب الإصلاح على وجه السرعة عددًا من البرلمانيين إلى مدينة عدن للإعلان عن الانفصال، في خطوة وصفها بالمفصلية في مسار الأحداث التي قادت البلاد إلى وضعها الراهن.
وأوضح الضبيبي، على حسابه الرسمي بموقع فيس بوك، في منشور رصده نافذة اليمن، بأن البرلمانيين الذين وصلوا إلى عدن حينها رفعوا بعد يومين لافتات تطالب بفك الارتباط، وأعلنوا إنشاء ما سُمي بـ"الكتلة البرلمانية الجنوبية" برئاسة النائب محسن باصرة، وبالتنسيق مع الرئيس السابق عبدربه منصور هادي الذي كان حينها في صنعاء، مشيرًا إلى أن هادي أوفد نائب رئيس مجلس النواب محمد الشدادي للالتحاق بالكتلة وتزعمها، مع استقطاب نواب من المؤتمر الشعبي العام لهذا الغرض.
وأشار إلى أن الاجتماع التأسيسي للكتلة عُقد في عدن بحضور عدد من النواب الذين ظهروا أمام وسائل الإعلام المحلية والدولية وهم يرفعون لافتات تطالب بفك الارتباط، بينهم نواب من الإصلاح والمؤتمر، مؤكدًا أن هذه الوقائع موثقة ومتزامنة مع خروج مسيرات في عدن رفعت أعلام الانفصال، وتغطيتها إعلاميًا على نطاق واسع.
وتساءل الضبيبي عن دوافع هذه الخطوة في وقت كان فيه الرئيس هادي والجميع لا يزالون في صنعاء، مجيبًا بأن الهدف كان، أولًا، ممارسة الضغط والابتزاز السياسي، وثانيًا، قطع الطريق أمام مجلس النواب لتولي شؤون البلاد وفقًا لنص المادة 116 من الدستور، التي تنص على تولي البرلمان رئاسة الدولة في حالات الفراغ والطوارئ، وهو ما كان يمكن أن يقود البلاد إلى مخارج دستورية خلال 60 يومًا.
ولفت إلى أن البرلمان عقد في اليوم التالي لإشهار الكتلة جلسة في صنعاء لمناقشة التطورات، وانتقد خلالها سلطان البركاني هذه الخطوات، معتبرًا إياها مجازفة بقضايا سيادية، إلا أن ذلك قوبل بهجوم من نواب الإصلاح، مستشهدًا بما قاله حينها رئيس المجلس يحيى الراعي محذرًا من العبث بالوحدة والجمهورية.
وتطرق الضبيبي إلى تصريحات لاحقة لنواب في الكتلة الجنوبية، أكدوا فيها دعمهم لحق تقرير المصير ورفضهم عقد جلسات برلمانية في صنعاء، مع التلويح بتشكيل "حزب الإصلاح الجنوبي"، مشيرًا إلى أن الفكرة توسعت لاحقًا وأُشهرت رسميًا في عدن، قبل أن يُدفع ببعض قادتها لاحقًا إلى رئاسة البرلمان في مفارقات سياسية لافتة.
وأوضح أن الفارق الزمني بين جلسة البرلمان في صنعاء عام 2014 وجلسة سيئون في أبريل 2019 شهد تطورات جسيمة، لافتًا إلى أن الشخصيات ذاتها التي رفعت سابقًا شعارات تقرير المصير شاركت لاحقًا في جلسة سيئون رافعة يافطة الوحدة، وفي الوقت نفسه رُفضت أي كتل ذات طابع جهوي أو انفصالي.
وأشار إلى أن قاعة برلمان سيئون احترقت في اليوم التالي للجلسة، في مشهد رمزي تزامن مع احتراق البلاد، مؤكدًا أن بيانات لاحقة صادرة عن "الكتلة البرلمانية الجنوبية" في 2019 حملت اتهامات للشرعية وتحذيرات من توجيه الصراع نحو الجنوبيين، والتنبيه إلى محاولات دق إسفين بين السعودية والإمارات.
واختتم الضبيبي مقاله بالقول إن ما تشهده البلاد اليوم هو نتاج لتلك الممارسات، منتقدًا ما وصفه بتبدل المواقف واللافتات، والعبث بمفاهيم الدولة والسيادة، ومشيرًا إلى تناقضات حزب الإصلاح في مواقفه من الوحدة والدستور والديمقراطية، معتبرًا أن هذه التناقضات أسهمت في إضعاف الدولة ومؤسساتها، وأدخلت البلاد في دوامة من الأزمات والمخاطر المستمرة.