في لحظة مفصلية من تاريخ اليمن، حيث تتصاعد الدعوات لتوحيد الصفوف وتكثيف الجهود لمواجهة ميليشيا الحوثي واستعادة الدولة، يطفو إلى السطح مجدداً ملف الدور الذي يلعبه تنظيم الإخوان في تعطيل مسار المعركة وإرباك المشهد السياسي والعسكري.
هذا الدور، وفق قراءة الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية عبد الملك اليوسفي، لا يمكن فصله عن مسار الحرب منذ سقوط صنعاء، ولا عن شبكة التحالفات الأيديولوجية التي أسهمت في إطالة أمد الصراع وتعقيد فرص الخروج منه.
يصف اليوسفي تنظيم الإخوان بوصفه "عدواً مباشراً للدولة اليمنية"، معتبراً أنه شريك موضوعي لميليشيا الحوثي، في إطار تحالف سابق مع نظام الملالي في طهران يعود إلى ما قبل انطلاق عملية "عاصفة الحزم" عام 2013.
ويشدّد على أن التنظيم الدولي للإخوان لا يتموضع ضمن هيكل الشرعية، بل يعمل وفق منطق "السفاح السياسي" عبر تفرعات ونتوءات تسعى لاقتناص فرص مرحلية تمنح تحركاته غطاءً شكلياً من الشرعية.
بحسب اليوسفي، أثبتت التطورات أن تلك التفرعات المرتبطة بالتنظيم الدولي ليست سوى نتوءات عابرة، كشفتها الأحداث، وأظهرت اصطفافها ضمن مسارات خارجية متناقضة مع مصلحة الدولة اليمنية.
ويؤكد أن هذه الكيانات لم تعد قادرة على التخفي خلف شعارات وطنية، بعد أن تبيّن سلوكها السياسي والإعلامي المتآمر.
يميز اليوسفي بوضوح بين تنظيم الإخوان وحزب التجمع اليمني للإصلاح. فالحزب، وفق توصيفه، يُعد جزءاً من الشرعية، إلا أن تأسيسه التاريخي على يد تنظيم الإخوان لا يعني تطابقه الكامل مع التنظيم الدولي.
ويوضح أن داخل الحزب تيارات متعددة، من بينها تيارات قبلية وأخرى غير متطرفة، مشيراً إلى اختلاف الخطاب بين شخصيات قيادية، حيث يبرز خطاب سياسي منفتح وغير مؤدلج لدى بعض القيادات، مقابل تيار متشدد جرى تهميشه بسبب تطرفه ورفضه إقليمياً.
يرى اليوسفي أن أخطر ما واجهه اليمن هو "القتل بالإيديولوجيا"، معتبراً أن الحوثي نتاج مباشر لإيديولوجيا التطرف، وأن الإخوان، بذات المنطلق الفكري، أسهموا منذ عام 2015 في إرباك المشهد عبر التآمر والاختراقات، سواء في أجهزة الدولة أو المؤسسة العسكرية، إلى جانب ما وصفه بـ"الطابور الخامس" إعلامياً.
يتوقف اليوسفي عند تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، مؤكداً أنه جاء برعاية خليجية وتوافق يمني، معتبراً أن دولاً مثل الإمارات والسعودية، التي تصنف جماعة الإخوان منظمة إرهابية، لا يمكن أن تقبل بإشراك تنظيم مصنّف إرهابياً في منظومة حكم ترعاها.
ويؤكد أن القرار كان يمنياً، لكنه جرى ضمن معادلات إقليمية صارمة ترفض إدماج قوى متطرفة في السلطة.
يشير اليوسفي في ختام حديثه إلى أن الاختراق لم يقتصر على معسكرات الدولة، بل تعدّاه إلى إنشاء معسكرات مستقلة خارج إطارها، ما عمّق تعقيد الوضع اليمني.
ويخلص إلى أن المرحلة الراهنة تمثل اختباراً حقيقياً للوطنية، يتطلب تجاوز الرؤى الضيقة والمشاريع الصغيرة، والارتقاء إلى نضج سياسي مسؤول، في مواجهة تحديات مزدوجة يمثلها وجود التنظيم الدولي للإخوان وأدواته من جهة، وميليشيا الحوثي من جهة أخرى، محذّراً من انزلاق اليمن إلى دوامات صراع وعنف مفتوحة ما لم يتحمل الجميع مسؤولياتهم التاريخية.