سُرِّبت، يوم الأربعاء، قوائم بأسماء تم اعتمادها ضمن كشوفات المساعدات الغذائية المقدمة من برنامج الغذاء العالمي في منطقة المحصاب بمديرية المظفر بمحافظة تعز، ما فجّر موجة غضب واسعة في أوساط الفقراء والنازحين.
وتصاعدت شكاوى المواطنين من تفشي الفساد والعشوائية في أعمال اللجنة المجتمعية المسؤولة عن التسجيل، وسط غياب تام للرقابة والشفافية، وانعدام التنسيق بين سلطات مديرية المظفر والمنظمات الإغاثية العاملة في المدينة.
وعلى الرغم من تعمد اللجنة المجتمعية عدم إظهار الكشوفات أمام المواطنين خشية انكشاف ممارساتها، أكدت معلومات متطابقة تورط اللجنة في العبث بكشوفات المستحقين للإغاثة، وممارسة أعمال يغلب عليها التحيز والمحاباة، في ظل غياب الذمة والضمير.
وتشير التقارير إلى أن عملية تسجيل المستحقين تمت بصورة ارتجالية وانتقائية، نتيجة عدم امتلاك المنظمات قاعدة بيانات دقيقة للفئات الأشد احتياجًا، ما أدى إلى إدراج حالات غير مستحقة، من بينها أعضاء في اللجنة أنفسهم، وعقال حارات، وموظفون في المجلس المحلي بالمديرية، مقابل إسقاط أسر من الفئات الأشد فقرًا والنازحين.
ويؤكد مراقبون أن غياب التنسيق بين المنظمات أسهم في تشتيت الجهود وضياع كميات كبيرة من المساعدات، في وقت تتواصل فيه معاناة أحياء لم تشملها برامج التوزيع.
وفي السياق ذاته، وصف ناشطون الوضع الإغاثي في المظفر بأنه “مغلق ومعتم”، حيث لا تُنشر أي بيانات رسمية عن كميات المساعدات ولا آليات توزيعها. وأكدت مصادر أن بعض اللجان تمنح كميات مضاعفة وأصنافًا جديدة لأشخاص محددين، فيما تُحرم أحياء كاملة من حقها في الإغاثة دون معايير واضحة.
وتحدثت مصادر مطلعة عن فساد كبير في تسجيل وتوزيع المساعدات الإنسانية داخل المديرية، داعية الأجهزة الرقابية في المحافظة إلى فتح تحقيق عاجل في هذه الممارسات التي حوّلت الإغاثة إلى مصدر كسب غير مشروع. كما طالبت منظمات المجتمع المدني بتشكيل فرق رقابة ميدانية مستقلة للتحقق من نزاهة لجان التسجيل والتوزيع، مشيرة إلى أن الفساد القائم حرم آلاف الأسر من الغذاء والدواء، وذهب بالمساعدات إلى جيوب الفاسدين والسماسرة.
وفي شهادات صادمة، قال النازح محمد أمين من منطقة الحصب إن “ما يحدث عبث ومتاجرة بالمواد الإغاثية، حيث تُسجل أسماء وهمية وتباع القوائم للتجار، بينما يموت الفقراء جوعًا”، مؤكدًا أن الإغاثة تُصرف “بالقطارة وبإهانة” وتذهب لغير مستحقيها وتباع في السوق السوداء.
من جانبه، أوضح النازح سعيد محمد من الحديدة أن القائمين على الإغاثة حوّلوها إلى ساحة للابتزاز والمحسوبية، ويتعاملون مع النازحين باحتقار ويمنحون المساعدات للأقربين فقط.
وقالت النازحة “أم هيام”، وهي أم لسبعة أطفال، إن أسرتها تعيش أوضاعًا مأساوية بلا أي دخل، بينما تُوزع الإغاثة وفق مصالح ضيقة، دون شفافية أو عدالة، وبإجراءات مهينة.
وأضاف النازح محمود عبدالله أن الإغاثة لا تشمل جميع الأحياء، حيث تتكدس المساعدات في مناطق معينة، بينما لم تصل إلى مناطق أخرى منذ أشهر رغم المناشدات المتكررة.
أما عبدالعزيز الصبري، رب أسرة نازحة من الدريهمي، فوصف ما يجري بأنه “مهزلة بكل المقاييس”، مشيرًا إلى فساد ومحسوبية وتوزيع عشوائي، وبيع المساعدات في السوق السوداء فيما الفقراء يتضورون جوعًا.
بدورها، تحدثت النازحة “أم أحمد”، المصابة بالسرطان، بمرارة عن حرمان المحتاجين الحقيقيين، مؤكدة أن التسجيل عشوائي والبيانات متكررة، ولا يوجد أي اهتمام بالحالات الصحية الحرجة.
ودعا المواطنون في مديرية المظفر السلطات المحلية والمنظمات الدولية إلى فتح تحقيق شامل في قضايا الفساد والتلاعب بالمساعدات الإنسانية، ومحاسبة القائمين على اللجان المتورطة، مؤكدين أن استمرار الوضع الحالي يهدر الجهود الإنسانية ويضاعف معاناة الفقراء والنازحين في تعز.