كشف إعلامي بارز محسوب على جماعة الحوثي عن ممارسات خطيرة داخل الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة صنعاء، متهمًا إياها بتحويل السجون ومراكز الاحتجاز إلى ما وصفه بـ"سجون خاصة" تُستخدم لتصفية الخلافات الشخصية والإدارية بين النافذين، في ظل تصاعد وتيرة الاعتقالات التي باتت تطال محسوبين على الجماعة نفسها، إلى جانب أكاديميين وصحفيين وموظفين مدنيين.
وشنّ الإعلامي صلاح الدكاك هجومًا لاذعًا على أجهزة وزارة الداخلية والاستخبارات التابعة للحوثيين، مؤكدًا في منشور على صفحته بموقع فيسبوك أن هذه الأجهزة لم تعد تعمل وفق القانون، بل تحوّلت إلى أدوات بيد متنفذين، يُزجّ عبرها بالمخالفين في السجون، ويُحدَّد مصيرهم تبعًا "لمستوى الغضب" الواقع عليهم، متسائلًا عمّا إذا كان الإفراج عن المعتقلين بات مرهونًا برضا تلك الجهات النافذة من عدمه.
وأوضح الدكاك أن نافذين باتوا قادرين على توجيه الأجهزة الأمنية لاعتقال موظفين وأكاديميين بسبب خلافات شخصية أو إدارية بحتة، مشيرًا إلى واقعة اعتقال أستاذ جامعي على خلفية خلاف حول ترتيب جدول محاضرات، في إشارة إلى قضية الدكتور مهيوب الحسام، الذي قال إن غضب أحد المسؤولين كان كافيًا لإيداعه السجن دون أي مسوغات قانونية.
كما أشار إلى حالات اعتقال أخرى طالت أكاديميين وصحفيين، من بينهم الصحفيون محمد الشينة، وعبدالكريم علي، وعلي القاضي، مؤكدًا أنهم احتُجزوا لفترات متفاوتة في سجون الشرطة على خلفية خلافات شخصية مع نافذين، دون أوامر قضائية أو إجراءات قانونية واضحة.
وفي السياق ذاته، انتقد الدكاك ما وصفه بـازدواجية المعايير في التعامل مع قضايا الاعتقال، متسائلًا عن مبررات توقيف الصحفي رشيد البروي، في وقت – بحسب تعبيره – يُغضّ الطرف عن أشخاص متورطين في تجاوزات وانتهاكات جسيمة، ويحظون بحماية نافذين بدوافع سياسية تتيح لهم الإفلات من المساءلة.
وتأتي هذه التصريحات من داخل البيئة الإعلامية الموالية للحوثيين لتعيد تسليط الضوء على ملف الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري في مناطق سيطرة الجماعة، وهي ممارسات وثّقتها مرارًا منظمات حقوقية دولية، مؤكدة أن الأجهزة الأمنية الحوثية تدير شبكة سجون غير خاضعة للرقابة القضائية، وتستخدمها كأدوات للترهيب والسيطرة السياسية.
فقد أكدت منظمة العفو الدولية أن جماعة الحوثي تدير منظومة احتجاز قائمة على الاعتقال التعسفي والتعذيب والمحاكمات غير العادلة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
كما وثّقت هيومن رايتس ووتش استخدام السجون السرية ومراكز الاحتجاز غير القانونية في صنعاء، مشيرة إلى أن كثيرًا من المعتقلين يُحتجزون بسبب آرائهم أو خلافاتهم مع قيادات نافذة داخل الجماعة.
وأكد مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري في اليمن، خصوصًا في مناطق سيطرة الحوثيين، يمثلان نمطًا ممنهجًا من الانتهاكات الجسيمة.