تشهد مليشيا الحوثي خلال الأيام الأخيرة موجة غير مسبوقة من الاضطرابات الداخلية، مع تعدد حوادث الوفاة والاغتيال الغامضة التي طالت قيادات بارزة في مناطق سيطرتها، وسط مؤشرات متزايدة على تفاقم صراع النفوذ داخل أجنحة الجماعة، ومحاولاتها المستمرة التستر على التفاصيل.
وفي محافظة إب، أثارت الوفاة المفاجئة لعبدالجليل الشامي، المعيّن من قبل الحوثيين مديراً لمديرية النادرة، حالة واسعة من الجدل بعد إعلان الجماعة أنه توفي جراء "جلطة قلبية". غير أن مصادر محلية أكدت وجود شبهات اغتيال مرتبطة بخلافات مالية مع شخصيات نافذة داخل المليشيا، في ظل تضارب لافت في الروايات الرسمية، وتعتيم كامل حول ملابسات الحادثة.
وبعد ساعات فقط، شهدت محافظة صعدة تشييعاً للقيادي البارز محمد محسن بكر العياني، أحد أبرز العناصر المسلحة القديمة المرتبطة بالمؤسس حسين الحوثي، والذي شغل مواقع حساسة بينها إدارة الملف المالي والتسليحي للجماعة.
مقتل العياني مثّل ضربة موجعة للحوثيين، وسط ترجيحات بأن وفاته مرتبطة بضربة جوية سابقة استهدفت مواقع للمليشيا، مع تداول معلومات غير مؤكدة عن قيادات أخرى لقوا المصير ذاته دون إعلان رسمي.
وتضاف هذه التطورات إلى سلسلة من الحوادث الغامضة التي طالت قيادات ميدانية خلال الأشهر الماضية، ما يعكس حالة تفكك واضحة داخل المنظومة الحوثية، وتراجع قدرتها على احتواء النزاعات الداخلية المتصاعدة.
وتشير المعطيات إلى مسارين متداخلين يقفان خلف هذا المشهد المضطرب، الأول، تنامي صراع الأجنحة المرتبط بالنفوذ والامتيازات، وهو ما دأبت المليشيا على مواجهته بوسائل أكثر عنفاً خلال الفترات الماضية؛ والثاني، الضغوط الاقتصادية والانكماش المالي الذي يعزز الخلافات، ويدفع قيادات نافذة إلى تصفية حساباتها داخلياً للحفاظ على مواقعها.