في خطوة فجّرت موجة غضب واسعة في مدينة تعز، أقدم مدير عام مديرية المظفر محمد الكدهي على حفر بئر مياه في تقاطع شارعي جمال والتحرير، وبجوار السوق المركزي، في أحد أكثر المواقع ازدحاماً داخل المدينة، بهدف بيع المياه للسكان بأسعار مرتفعة، وفق تأكيدات محلية.
الخطوة، التي وصفها المواطنون بـ"العبثية وغير المدروسة"، جاءت امتداداً لما يعتبره الأهالي "حرباً متكررة" يخوضها الكدهي ضد المواطنين، عبر إجراءات تستهدف مصالحهم وتفاقم معاناتهم اليومية.
وأبدى سكان المنطقة استغرابهم من منح الجهات المختصة ترخيصاً يسمح بتنفيذ مشروع كهذا في قلب مدينة مزدحمة، معتبرين أن اختيار هذا الموقع الحيوي لا ينسجم مطلقاً مع طبيعة المكان الذي يشهد حركة مرورية كثيفة وتواجداً دائماً للمشاة والمركبات.
وأكد الأهالي أن استمرار الحفر في هذه المنطقة قد يتسبب في تهديد مباشر للسلامة العامة، عبر احتمالات حدوث انهيارات، إضافة إلى عرقلة الحركة المرورية وتضرّر الأنشطة التجارية المحيطة.
وطالب المواطنون السلطات المحلية بالتدخل الفوري لإيقاف أعمال الحفر وفتح تحقيق شفاف حول كيفية منح الترخيص، مشددين على ضرورة وضع ضوابط تمنع تكرار مثل هذه المشاريع في مواقع لا تصلح للأعمال الإنشائية أو الخدمية.
ويأتي هذا وسط أزمة مياه خانقة تعاني منها المدينة منذ سنوات، حيث يضطر السكان للاعتماد على شراء صهاريج المياه بأسعار مرتفعة للغاية، تصل إلى نحو 60 ألف ريال للوايت الواحد، وفق ما يؤكده المواطن شعيب علي (42 عاماً)، الذي أكد أن كثيراً من الأسر غير قادرة على تحمل التكلفة المتزايدة.
وبحسب الأهالي، فإن الجهات المختصة لا تكتفي بتحصيل الأموال من موارد الآبار القديمة والجديدة، بل تقوم أيضاً بربط شبكات مياه خاصة إلى عدد من المطاعم والفنادق والمنازل، لفرض اشتراكات قسرية بأسعار وصفت بـ"المرهقة"، ما فاقم من معاناة السكان.
فساد يتراكم… وتحقيقات جارية
وفي ظل هذه التطورات، تتوسّع الاتهامات الموجهة إلى مؤسسة المياه والصرف الصحي في تعز، حيث تحدثت مصادر محلية في مديرية المظفر عن "مافيا فساد" تتحكم بالمؤسسة منذ سنوات، مؤكدة أن إداراتها المتعاقبة استخدمت المشاريع والتمويلات الخارجية لمصالح شخصية وصفقات مشبوهة.
وأكد مصدر مطلع – فضّل عدم ذكر اسمه – أن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة يجري تحقيقات في مخالفات مالية وفساد إداري داخل المؤسسة، في ظل غياب تام للرقابة والمساءلة، وتراكم ديون لم تُسدّد منذ أكثر من خمس سنوات للشركات المتعاقدة.
وأضاف المصدر أن معظم المشاريع تنفذ بتمويل دولي، بينما تقوم المؤسسات المحلية برفع كشوفات إنفاق كبيرة لا تعكس حجم الخدمات المقدّمة فعلياً.
دعوات لإجراء إصلاحات جذرية
واختُتمت هذه التحذيرات بالتأكيد أن غياب المتابعة من قبل قيادة المحافظة خلق بيئة خصبة للفوضى والتجاوزات، داعين إلى تفعيل رقابة حقيقية على المؤسسات الخدمية، ووضع استراتيجية واضحة لإدارة ملف المياه ضمن خطة زمنية ملزمة، كحل وحيد لتخفيف معاناة المواطنين ووضع حد للأزمات المتفاقمة.