حذرت دراسة صادرة عن فريق الدراسات الاستراتيجية في التيار الوطني للسلام من أن اليمن يواجه لحظة حاسمة في تاريخه، ووصفت عام 2026 بأنه قد يكون نقطة فاصلة بين إعادة تأسيس الدولة أو الدخول في مرحلة تفكك شامل. وأوضحت الدراسة أن تصاعد هجمات جماعة الحوثي على خطوط الملاحة الدولية أعاد تدويل الأزمة اليمنية، ورفعها من قضية محلية إلى تهديد مباشر للأمن الإقليمي والعالمي، ما يزيد من خطورة الوضع على المنطقة.
وسجلت الدراسة تراجعا ملموسا في القدرات العسكرية والمالية لجماعة الحوثي، بالتوازي مع تصاعد الانقسامات الداخلية داخل الجماعة، ما يضعف قدرتها على الحفاظ على السيطرة واستمرار سياساتها الحالية. وفي المقابل، تحولت الحكومة الشرعية إلى كيان رمزي بعد انتقال مركز القرار إلى فصائل مسلحة متنافسة، ما أعاق قدرتها على ممارسة مهامها الأساسية وتحقيق الاستقرار.
ولفتت الدراسة إلى تحول في السياسة السعودية تجاه اليمن، موضحة أن المملكة تخلت عن سياسة التهدئة الثنائية مع الحوثيين، وتسعى الآن إلى إطار سياسي شامل يوحد الجبهة المناهضة لهم، بما يعزز الضغط على الجماعة ويدعم الخيارات السياسية البديلة.
على الصعيد الدولي، كشفت الدراسة أن الولايات المتحدة، بعد انتقال السلطة، أعادت تفعيل أدوات الضغط العسكري والاقتصادي على جماعة الحوثي، لكنها لم تبلور حتى الآن إطاراً سياسياً موازياً يوجّه هذا الضغط نحو تسوية شاملة ومستدامة.
في المقابل، تعمل روسيا على توسيع حضورها السياسي في اليمن، مستفيدة من ارتباك النظام الإقليمي وتغير أولويات القوى الغربية، وتسعى لفرض معادلة "التوازن المانع للحسم"، بما يحافظ على استمرار الصراع دون السماح لأي طرف بتحقيق اختراق نهائي قد يقلص الدور الروسي في أي تسوية مستقبلية.
ورجحت الدراسة أن يكون عام 2026 مفصلياً في تحديد مستقبل اليمن، مستعرضة ستة سيناريوهات محتملة، من أبرزها: إحياء خارطة الطريق الأممية بصيغة جديدة تراعي المخاوف السعودية، أو تحول اليمن إلى ساحة صراع دولي بالوكالة، بما يعقد عملية الوصول إلى تسوية سلمية.
كما توقعت الدراسة احتمال إطلاق عمليات عسكرية محدودة، أو تفكك تدريجي داخل جماعة الحوثي بفعل الضغوط والانقسامات الداخلية، إضافة إلى تآكل الشرعية من الداخل، وحدوث تغييرات في هرم القيادة لدى الحوثيين أو الحكومة الشرعية.
وخلصت الدراسة إلى أن مستقبل اليمن في 2026 سيكون مرهوناً بالقدرة على خلق توازن إقليمي ودولي يتيح حلاً سياسياً مستداماً، مع مراعاة الضغوط الداخلية للحوثيين، واستعادة الشرعية، وتعزيز دور الفاعلين الدوليين بطريقة تمنع التصعيد العسكري الواسع أو الانزلاق نحو الفوضى الشاملة.