آخر تحديث :الثلاثاء-02 ديسمبر 2025-09:46م
اخبار وتقارير

قبل الانفجار: لماذا قرر الحوثيون التخلص من صالح في 2 ديسمبر؟

قبل الانفجار: لماذا قرر الحوثيون التخلص من صالح في 2 ديسمبر؟
الثلاثاء - 02 ديسمبر 2025 - 09:00 م بتوقيت عدن
- نافذة اليمن- كتب / محمد عبداللطيف الصعر

كان المشهد في صنعاء قبل انتفاضة ديسمبر يتحرك بصمت .. لكن كل طرف كان يعرف أن الشراكة الهشة بين المؤتمر الشعبي العام والحوثيين لم يعد بإمكانها أن تستمر على وضعها !

التوتر كان ظاهر في كل مؤسسة وكل شارع، والمؤتمر بقيادة الزعيم صالح كان يرجع خطوة بخطوة إلى الواجهة وكأنه يستعيد الدولة من تحت أيديهم عبر قفازة الحوثيين بعدما أقصاه حزب الإصلاح وهمشه تماماً بمساعدة سعودية .

في كل يوم كانت مؤشرات الصدام تكبر، والحوثيون يستشعروا أن صالح يعيد ترتيب أوراقه، وأن لحظة الانفجار قريبة، حتى لو حاولوا يخفوا هذا الشعور.

#مالياً :

ورد المؤتمر الشعبي العام عبر جليدان  وزير الاتصالات وتقنية المعلومات 12وربع مليار ريال شهرياً .. بواقع 98 مليار ريال يمني من عائدات الاتصالات وخدمات الانترنت و الاتصالات الدولية .

المبالغ هذه تم تقييدها في وزارة المالية كإيراد و استلمها البنك المركزي في صنعاء ودخلت فعلياً إلى خزينة الدولة وكان حينها سعر الدولار يتراوح بين 300 ﷼ و 340﷼ يمني أي أن المؤتمر الشعبي العام كان يورد شهرياً 36 مليون دولار .

مثل هذا الرقم ضغطاً كبيراً على الحوثيين ، فهذه المبالغ كان من المفترض أن تدخل إلى حساب بند الرواتب ، لكن الحوثيين رفضوا التعاطي معها بإسلوب الدولة ، وقد أجج تصرفهم هذا السخط الشعبي ، لتبحث المليشيا عن ثغرات للاستيلاء على هذه الوزارة .

#سياسياً :

كان المؤتمر الشعبي عبر زعيمه علي عبدالله صالح قد كثف بشكل ملحوض حملاته لقطع البطائق و التنسيب للمؤتمر الشعبي العام في كل المدن و القرى و العزل ، وكان هناك تحرك فاعل و تفاعل شعبي واسع ، أثر بشكل ملحوظ على حملات التحشيد الحوثية ، وشق كبير في الشارع ، فقد كانت صنعاء لونين ، إما مؤتمر تابع للزعيم أو ما يسمى بحوثي تابع للسيد ، والغلبة الشعبية كانت حينها في انحياز واضح للمؤتمر .

#اجتماعياً :

كان الشارع في صنعاء وباقي المحافظات يعيش حالة سخط مكتوم ، فانعدام الرواتب، وانقطاع الخدمات، وارتفاع الجبايات، والممارسات التعسفية خلقت بيئة مشحونة ضد الحوثيين .

هذا الاحتقان الشعبي كان ينعكس بشكل مباشر لصالح المؤتمر الشعبي العام، فالناس كانت ترى فيه المظلة الوحيدة القادرة على استعادة شكل الدولة، وهذا ساهم في زيادة شعبيته واتساع الفجوة بين المواطنين والحوثيين !

و هذه البيئة الاجتماعية الساخطة كانت عاملاً إضافياً أربك الحوثيين وجعلهم يشعرون أن أي تحرك للمؤتمر مهما كان بسيط قابل للتحول إلى موجة غضب واسعة يصعب السيطرة عليها.

#عسكرياً :

كان طارق صالح وبتوجيهات من الزعيم علي عبدالله صالح قد بدأ فعلياً بلم شتات الجيش الذي أنهكته قرارات الهيكلة في العام 2013 ، وسرحت عدداً كبيراً من قواته و ضباطه ، وقد تم إنشاء ما سُمي حينها " معسكر المُلصي " .

تعرض الزعيم صالح بعد هذا التحرك لعدد كبير من التهديدات الحوثية ، وكان صالح الصماد حلقة وصل بين الحوثيين و الزعيم صالح لإخماد نيران الفتنة بين المكونين ، لكن الصماد في أول زيارة إلى معسكر المُلصي تفاجأ بالتنظيم و الترتيب العسكري وتحول من وسيط إلى غريم ، فقد أحس بأن علي عبدالله صالح يبيت للمليشيا انقلاباً عسكرياً وشيك .

#تنظيمياً :

كان صالح كزعيم للمؤتمر قد بدأ فعلياً يفصل عدد من قيادات المؤتمر في الخارج والمشاركين في تأييد الحرب والقصف، واشتغل على لملمة المؤتمر من الداخل وإعادة الروح للتنظيم نفسه بعد ما كان يتعامل كتيار شعبي واسع أكثر مما هو هيكل منظم !

هذا التحول التنظيمي الذي عمله صالح لم يرق لللحوثيين ، لأنهم رأوا فيه خطوة لإعادة بناء حزب قوي وصعب السيطرة عليه .

#قبلياً :

كان صالح قد فتح خطوط تواصل مع قبائل الطوق وعدد كبير من المشايخ، وبدأ يقربهم منه ويحاول يرجعهم لصف المؤتمر من جديد، وفي رسائل مبطنة منع كثير منهم من إرسال رجالهم للقتال مع الحوثي .. هذه التحركات القبلية ضايقت الحوثيين بشكل كبير، لأنهم فهموا أن صالح يعمل على سحب القبائل من تحتهم خطوة بخطوة .

#خارجياً : كان المؤتمر الشعبي العام وتحديداً في مفاوضات الكويت الأولى و الثانية قد نسج علاقات طيبة مع وفد الشرعية و الجانب السعودي ، وكان صُلب هذا الاتفاق خروج الحوثيين كقوة عسكرية من ثلاث مُدن هي صنعاء و تعز و الحديدة ، في مقابل تجميد قرابة 40 جبهة خطوط تماس بين الأطراف من صنعاء متمثلة في نهم إلى صرواح خولان ومارب وامتداداً إلى قانية البيضاء و مكيراس في أبين ولحج بالقبيطة و دمت في الضالع و المخا جنوبي الحديدة في السواحل الغربية .

تضايق الحوثيون كثيراً من تقارب المؤتمر مع الأطراف اليمنية حينها " الشرعية " وقبول الجلوس على طاولة حوار واحدة و التوافق أيضاً على تطبيق القرار الأممي 2216 .

كما جن جنون الحوثيين من القبول بنائب للرئيس الشرعي و المعترف به دولياً عبدربه منصور هادي ، و الانخراط في حكومة شراكة وطنية .. فقد كان نائب هادي هو من سيقود المرحلة الانتقالية والعمل على حلحلة الأزمة و إنهاء كل مظاهر الحرب.

الحوثيون قرأوا المشهد كله بطريقة واضحة  فالمؤتمر بدأ يستعيد أدوات الدولة، ويمتلك المال، ويعيد ترتيب الجيش، ويحشد الشارع، ويقترب خارجياً من خصومهم !

هذا الإدراك جعلهم ينتقلوا من مرحلة النقاش والضغط السياسي إلى مرحلة الحسم المبكر.