آخر تحديث :الأحد-16 نوفمبر 2025-01:27ص
اخبار وتقارير

كارثة في قلب تعز.. حملة إزالة العشوائيات تطيح بأرزاق ألفي أسرة وتُبقي أكشاك المحسوبين محصّنة

كارثة في قلب تعز.. حملة إزالة العشوائيات تطيح بأرزاق ألفي أسرة وتُبقي أكشاك المحسوبين محصّنة
الأحد - 16 نوفمبر 2025 - 12:00 ص بتوقيت عدن
- تعز - نافذة اليمن - محرم الحاج

تشهد مديرية المظفر في تعز موجة غضب واسع بعد حملة إزالة وُصفت بأنها انتقائية ومجحفة استهدفت بسطات صغار الباعة تحت مبرر إزالة التشوهات العشوائية من الشوارع، بينما تجاهلت -وفق شهود- أكشاكًا محمية ومسجلة باسم نافذين ودوائر جباية تعمل خارج أي إطار قانوني.

وبينما تتحدث السلطة المحلية عن حملة تنظيم تهدف لإعادة المظهر الحضري للمدينة، يكشف الواقع أن آلاف المواطنين خسروا مصدر رزقهم الوحيد دون بدائل أو حلول، وهو ما أشعل انتقادات حادة واتهامات لسلطة المظفر بالازدواجية والتمييز والفساد.

زيارة ميدانية نُفذت عصر السبت أظهرت أن الحملة تجنبت إزالة أكشاك مبنية على الأرصفة في شارع التحرير الأعلى، إلى جانب عشرات البسطات داخل منطقة باب موسى، رغم أنها تشكل مخالفات واضحة.

مصادر محلية أكدت أن تلك الأكشاك تدفع رسومًا شهرية تحت مسمى غير قانوني:

"رسوم استخدام الرصيف"

وهو ما اعتبره نشطاء نظام جباية موازٍ يمنح الحماية للمخالفين مقابل المال.

باعة يروون ما حدث: دمّرونا دون أن يمنحونا بديلاً

غالبية المتضررين تحدثوا بمرارة، مؤكدين أنهم لم يُمنحوا فرص إزالة أو نقل أو الحصول على مواقع بديلة.

أحد الباعة قال:"عندي بسطة من 2015.. كانت مصدر رزقي الوحيد. اليوم كسّروها.. وكسّروا معها ظهر أسرتي".

آخر يبيع ملابس أطفال يفطر القلب بقوله: "الحملة ما اقتربت من بسطات النافذين. فقط الفقراء هم المستهدفون".

أما بائع المواد الغذائية فقصته مؤلمة: "راتبي الحكومي لا يكفيني أسبوعًا.. فتحت بسطة، وأخرجت ابني من المدرسة ليساعدني. اليوم صادروها وتركوني بلا رزق ولا كرامة. والله خرجت كما يقولون (ربي كما خلقتني)".

ثم أضاف وهو يكبت دموعه: "لو طالبت بحقك من المسؤول، بيقتلك.. كيف عاد لو قلت له عوضني؟".

الاستثناءات تكشف التخبط

فيما يتعلق ببائعي الفواكه والخضار الذين لم تشملهم الحملة، بررت سلطة المظفر ذلك بأنها تعمل على تجهيز موقع بديل لهم، الأمر الذي فضح التخبط وغياب التخطيط.

أحد الباعة علق غاضبًا: "نؤيد التنظيم.. لكن أين البديل؟ نبيع على الرصيف لأننا نحتاج أن نعيش، لا لأننا نحب الفوضى".

فساد منظم… لا حملة تنظيم

بحسب ناشطين ومراقبين، لم تعد العشوائيات مجرد نتيجة للفقر، بل أصبحت منظومة مالية مربحة لشبكات جباية غير قانونية، تحمي بعضها شخصيات نافذة داخل مؤسسات أمنية وإدارية.

كما أكدوا أن حملات الإزالة السابقة والمحاولات التنظيمية فشلت لأنها لا تستهدف أصل المشكلة:

الفساد، المحسوبية، غياب التخطيط، وتداخل الصلاحيات.

أكثر من ألفي أسرة تواجه المجهول

مصادر محلية قدّرت عدد الأسر التي تعتمد على دخل هذه البسطات والأكشاك بأكثر من 2000 أسرة، وجدت نفسها خلال أيام فقط بلا دخل، وبلا بدائل، وبلا تعويض، في مدينة تعاني أصلًا من أعلى معدلات البطالة والفقر.

وفي مفارقة مؤلمة، تأتي هذه الحملة بذريعة "تحسين صورة المدينة" بينما شوارعها غارقة بالنفايات وانعدام الخدمات الأساسية.

شعور بالقهر وغضب يتصاعد

أحد المتضررين ختم بكلمات تلخص حجم الألم: "لم يهدموا البسطات فقط… هدموا آخر ما تبقى لنا من كرامة ومعيشة".

وتشهد مواقع التواصل موجة دعوات لمساءلة المتسببين في الحملة، وسط مخاوف من انفجار مجتمعي نتيجة تراكم الأزمات وفشل السلطات في توفير حلول عادلة.

في المشهد الأخير، تبقى تعز مدينة تنهشها الفوضى، بينما يتحول التنظيم إلى شعار، والواقع إلى فوضى تمارس باسم القانون، ويُنفَّذ على الأضعف فقط.