تتكشف يوماً بعد آخر فضيحة “الترقيع والتلميع” في مديرية المظفر بمحافظة تعز، حيث تحوّلت مشاريع التنمية إلى مجرد عمليات تجميل سطحية أشبه بـ"وضع قناع على وجه مريض يحتضر"، وفق ما وصفه ناشطون وإعلاميون.
فبين مناقصات غامضة بلا معايير واضحة وتكلفة غير دقيقة، ومشاريع لا تلامس حاجات المواطنين، تتسيد المشهد قوى نافذة وفاسدة تلتف على القوانين وتتحكم في عقود الشوارع والصيانة، بينما تُغرق المظفر في الغبار والحفر والتشوه العمراني.
وسخر ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي من نشاط مدير المديرية “الكدهي” في ردم الحفر وطلاء الأرصفة قبيل المناسبات، واصفين ما يجري بأنه استعراض شكلي مفضوح هدفه خداع الناس والتغطية على الفشل الإداري العميق.
وقالوا إن “هذا التلميع الموسمي أصبح نهجاً متكرراً تتوارثه القيادات المتعاقبة في المديرية لتزييف الواقع، دون أي نية لمعالجة الأسباب الحقيقية للتدهور”.
وأكد النشطاء أن المظاهر الخارجية الزائفة تخفي خلفها نظاماً إدارياً غارقاً في التضليل، وسلطة محلية تهرب من مسؤولياتها الحقيقية بافتعال منجزات كاذبة. وأضافوا أن هذا الترقيع الممنهج محاولة لتجميل الفساد لا أكثر، بينما تنهار القيم والمسؤولية العامة في مؤسسات المديرية.
وطالبوا محافظ محافظة تعز، نبيل شمسان، بالنزول الميداني شخصياً لرؤية حجم الخراب والدمار الذي لحق بالمظفر، مؤكدين أن “الشوارع المكسّرة والقمامة المتكدسة تُختصر فيها مأساة مدينة أُنهكت بالإهمال وأُغرقت بالوعود”.
وفي هذا السياق، كشف الإعلامي البارز محمد العامري عن فضيحة مدوية في مشاريع المظفر، مؤكداً أن “العديد من المشاريع لا تتجاوز الورق، بينما المنفذ منها يعاني غشاً ممنهجاً وسوء جودة يهدد سلامة المواطنين”.
وفي منشور لاذع على حسابه بموقع فيس بوك، كتب العامري: “شارع المصلى شاهد على عبث التنمية في تعز.. مشروع الرصف والسفلتة توقف منذ عامٍ ونصف، المقاول رفع اللوحة وغادر، المهندس اختفى، والمواطن علق صبره على الأمل القادم الذي لم يأتي”.
وتساءل العامري بمرارة: “هل يُعقل أن يبقى شارع رئيسي بهذا الحال لأكثر من عامٍ ونصف؟ أين ذهبت الميزانية؟ ولماذا تتحول مشاريعنا من تحسين المدن إلى تخريبها؟”.
وأشار إلى أن سكان الشارع لا يطالبون برفاهية، بل بحقٍّ بسيط في طريقٍ صالح للسير لا “مسرحٍ للغبار والحفر”، مضيفاً: “إن كانت الدولة لا تستطيع الإصلاح، فلتكفّ على الأقل عن التكسير.. والله المستعان”.
الأمطار تفضح المستور
ومع أولى زخات المطر، انكشفت الحقيقة المرّة؛ فقد ظهرت التشققات والانهيارات الإسفلتية في أغلب شوارع المديرية، لتفضح سوء التنفيذ وفساد المناقصات، حيث أُسندت الأعمال – وفق مواطنين – على أساس المحسوبية والولاءات لا الكفاءة والأمانة.
وقال السكان إن ما جرى من “ترقيع إسفلتي بارد” لم يصمد سوى أيام، وإن الأمطار الأخيرة جرفت كل ما أُنجز، تاركة الطرق محفرة ومتهالكة أكثر من ذي قبل، لتصبح رمزاً للفشل الإداري والفساد المالي.
وطالب المواطنون بوضع خطة هندسية حقيقية لإعادة تأهيل شوارع المظفر باستخدام خلطة إسفلتية ساخنة ذات جودة، وتحسين الإنارة والصرف الصحي، مؤكدين أن استمرار الفساد والإهمال لا يهدد البنية التحتية فحسب، بل يُجسّد انهيار منظومة القيم في مؤسسات الدولة المحلية.