آخر تحديث :السبت-11 أكتوبر 2025-05:31م
قالوا عن اليمن

ما بعد حرب غزة.. الحوثيون يواجهون "فراغ الحرب"

ما بعد حرب غزة.. الحوثيون يواجهون "فراغ الحرب"
السبت - 11 أكتوبر 2025 - 11:07 ص بتوقيت عدن
- عدن، نافذة اليمن- إرم نيوز:

رأى خبراء أن التهدئة الإقليمية تُضعف من قدرة ميليشيا الحوثي في اليمن، على استثمار الصراع الخارجي في تبرير عسكرة الداخل وتعبئة المجتمع، مرجحين أن تذهب الميليشيا المدعومة من إيران باتجاه حروب محلية لإشغال الداخل.


وأشاروا لـ"إرم نيوز"، إلى أن ميليشيا الحوثي "لا تستطيع العيش والبقاء إلا في ظل ظروف الحرب والنزاعات، وبالتالي هي بحاجة للمحافظة على استنفارها الدائم من خلال الصراعات المختلفة".


ورغم حديث زعيم الميليشيا عبدالملك الحوثي عن استمرار "الجاهزية" لمراقبة التزام إسرائيل باتفاق وقف النار في قطاع غزة، تبدو جماعته في طريقها إلى انكفاء داخلي مؤقت، مع تراجع مبررات التصعيد الإقليمي، وانحسار ضجيج الحرب.


وعقب موافقة إسرائيل وحركة حماس، على تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في القطاع الفلسطيني، اتجه الحوثيون نحو التصعيد الداخلي، عبر تحشيد المقاتلين وإرسال تعزيزات عسكرية كبيرة من محافظتي ذمار وإب، إلى جبهات القتال ضد القوات الحكومية والموالية لها، جنوب غرب البلاد.


تعزيز وتحشيد


وقالت مصادر عسكرية يمنية، إن الحوثيين دفعوا خلال الأيام الماضية، بوحدات مختلفة من القوات العسكرية بمعدّاتها النوعية، إلى جبهات محافظة تعز، جنوب غرب البلاد، التي شهدت خلال الأيام الماضية، قصفاً حوثياً عنيفاً وهجوماً على مواقع قوات الجيش والمقاومة.


وأشارت لـ"إرم نيوز"، إلى أن الإمدادات العسكرية الحوثية اتجهت إلى جبهات شمال غرب مدينة تعز، ومناطق في مديرية ماوية، شرقي المحافظة، إلى جانب وصولها إلى مناطق سيطرة الميليشيا في مديريتي "شرعب السلام" و"شرعب الرونة".


وبيّنت المصادر أن عناصر الحوثيين، استحدثوا مواقع قتالية جديدة في المناطق الجبلية المطلّة على المناطق المأهولة الواقعة بين محافظتي تعز والضالع، في تحرك متزامن مع تحركات أخرى شهدتها محافظة لحج، في سياق تحضير الميليشيا لتصعيد ميداني مرتقب.


وبحسب مصادر ميدانية وإعلامية متطابقة، فإن التحشيد الحوثي وصل إلى جبهات مختلفة في المناطق الحدودية مع مديرية الأزارق بمحافظة الضالع، وامتد إلى مواقع مستحدثة في مناطق محاذية لمديرية المسيمير بمحافظة لحج، جنوبي البلاد.


وذكرت منصة "ديفانس لاين" المتخصصة في الشؤون الأمنية والعسكرية اليمنية، أن الحوثيين قاموا بنقل صواريخ وأسلحة بحرية وذخائر دفاع جوي وساحلي إلى المناطق الجبلية الغربية من تعز، المشرفة على مياه البحر الأحمر.


وتأتي التحركات الميدانية، متسقة مع تصاعد وتيرة حملات التحشيد والتجنيد، والدورات التعبوية العسكرية التي ينفذها الحوثيون في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، ضمن برنامج "التعبئة الشعبية العامة"، تحت شعارات "مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل" و"إسناد غزة".


وكان عبدالملك الحوثي قد ذكر، سابقًا، أن عدد خريجي دورات "طوفان الأقصى" التدريبية منذ انطلاقها، بلغ أكثر من مليون و100 ألف مقاتل، ضمن المسار التعبوي، الذي شمل طلاب المدارس وموظفي مختلف القطاعات الحكومية والخاصة.


تركيبة مستنفرة


وقال المحلل العسكري، العقيد محسن الخضر، إن عودة الحوثيين للتصعيد المحلي بعد انخفاض التوترات الإقليمية، "يعبّر عن تركيبتهم كجماعة عدوّة للاستقرار، لا تستطيع العيش والبقاء إلا في ظل ظروف الحرب والنزاعات، وبالتالي هي بحاجة للمحافظة على استنفارها الدائم من خلال الصراعات المختلفة".


وأشار لـ"إرم نيوز"، إلى إدراك ميليشيا الحوثي بأن التهدئة الإقليمية تُضعف قدرتها على استثمار الصراع الخارجي في تبرير عسكرة الداخل وتعبئة المجتمع، وإعادة توجيه الانتباه الشعبي بعيداً عن تدهور الأوضاع المعيشية والحقوقية لسكان المناطق الخاضعة لسيطرتها.


ولم يستبعد العقيد الخضر، أن تشهد جبهات القتال اليمنية تصعيدا مقبلا للعمليات العسكرية، "يسعى من خلاله الحوثيين إلى استباق أي استحقاقات سياسية أو ضغوط دولية محتملة للعودة إلى مسار التسوية في اليمن، من خلال فرض معادلة جديدة تعيدهم إلى طاولة المفاوضات من موقع أكثر قوّة".


وبيّن أن تحرك الحوثيين التصعيدي هذه المرة نحو تعز ومحافظات الجنوب، يبدو لافتاً ومعاكساً لهجمات الميليشيا المتكررة على مدينة مأرب النفطية، ومحاولة إحراز أي تقدم يُذكر نحوها، بين كل محطة وأخرى من جولات النزاع المحلي السابقة.


إشغال الداخل


من جهته، رجح خبير الشؤون العسكرية والإستراتيجية، العميد ركن محمد عبدالله الكميم، أن يشد الحوثيين الرحال إلى حروب محلية لإشغال الداخل، "رغم علمهم بأنها أكثر كلفة وأقل صخباً إعلامياً".


وقال إن الحوثيين لا يبحثون عن النصر، "بل عن ضجيج يُبقيهم في العناوين، حتى لو تحوّل اليمن إلى نسخة مكررة من غزة".


ولفت العقيد الكميم إلى أن الوقت قد حان للعالم بعد انتهاء معركة غزة، بأن يتعامل مع ميليشيا الحوثي كما يجب، "لأن خطرها تجاوز حدود اليمن، وأصبح استئصالها من المشهد واجبا على المجتمع الدولي والإقليمي معاً".


وأكد أن دعم الحكومة الشرعية اليمنية والقوات المسلحة الوطنية "لم يعد خياراً"، بل ضرورة إستراتيجية، مضيفًا أن تشكيل تحالف إقليمي ودولي لدعم اليمن واستعادة دولته "بات حاجة ملحّة، تماماً كما تعامل العالم سابقاً مع تنظيمي القاعدة وداعش".