آخر تحديث :الخميس-09 أكتوبر 2025-05:59م
اخبار وتقارير

شبكات الظل.. الحوثيون يفتحون "ممرات خلفية" لتهريب السلاح عبر مناطق الشرعية

شبكات الظل.. الحوثيون يفتحون "ممرات خلفية" لتهريب السلاح عبر مناطق الشرعية
الخميس - 09 أكتوبر 2025 - 12:53 م بتوقيت عدن
- عدن، نافذة اليمن:

فسّر مسؤولون وخبراء، اعتماد الحوثيين على مسارات بديلة لتأمين وصول الإمدادات العسكرية المهرّبة، عبر مناطق نفوذ الحكومة اليمنية الشرعية، بأنه "انعكاس للتحديات الخانقة التي تواجهها الميليشيا على المستوى اللوجستي".


وفي ظل قيود الرقابة الدولية المشدّدة على واردات الحوثيين في البحر الأحمر، وتعطّل موانئ الحديدة جراء الغارات الأمريكية والإسرائيلية، كثّفت الميليشيا من وتيرة عمليات تهريب الأسلحة والمعدّات العسكرية، عبر الموانئ البحرية والمنافذ البرّية الواقعة تحت سيطرة الحكومة، بأنماط مختلفة ومتزايدة.


ومنذ منتصف العام الحالي، تمكنت القوات الحكومية، من ضبط 7 شحنات مهرّبة في ميناء عدن ومحافظتي المهرة ولحج والساحل الغربي في تعز، كانت متجهة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.


وتضمنت الشحنات المضبوطة أجزاء عسكرية متقدمة، أبرزها مكونات مختلفة للطائرات المسيّرة وصواريخ بحرية وجوية ومنظومات دفاع جوي وأجهزة رادار، إلى جانب أجهزة مراقبة وتجسس واتصالات، إضافة إلى وحدات تتبع ملاحي وأنظمة إلكترونية.


ولم تتوقف عمليات التهريب عند الأسلحة والمعدّات اللوجستية، بل امتدت إلى محاولة تمرير رافعات نقل حاويات السفن؛ بهدف إيصالها إلى ميناء الحديدة المتضرر الواقع تحت سيطرة الميليشيا، فضلا عن تهريب طابعات حديثة مخصصة لطباعة العملات النقدية الورقية، تم ضبطها مؤخرا في موانئ عدن، وفقا لتقارير رسمية.


اختراقات مكشوفة


وبحسب وكيل وزارة الإعلام اليمنية، أسامة الشرمي، فإن الحوثيين وفي ظل انسداد مسارات التهريب التقليدية، يحاولون شراء بعض الذمم في مناطق الحكومة، لتأمين وصول هذه الشحنات إليهم، "غير أن اليقظة الأمنية والجهود المبذولة من القوات الأمنية والعسكرية، أسهمت في إفشال الكثير من عمليات التهريب المموهة".


وقال الشرمي في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن الكثير من الأجهزة والقطع العسكرية التي يستوردها الحوثيون إلى موانئ الحكومة الشرعية، "هي معدات ذات استخدام عسكري وأمني مزدوج، وإلا لما سُمح أساسا بتصديرها من موانئ دول المنشأ إلى اليمن الواقع تحت طائلة الإجراءات الدولية التي تمنع تصدير الأسلحة بشكل عام إليه، تحت أي ظرف من الظروف".


وذكر أن المساعي الدؤوبة للحوثيين في توسيع نشاط استيراد قطع الغيار والمعدات العسكرية بأساليب ملتوية، وعبر استخدام طرق متعددة ومسارات مختلفة لتهريبها، ومحاولتهم إعادة تنشيط شبكاتهم القديمة، "يشير إلى حاجتهم الماسّة للوصول إلى مخزون أكبر من الأسلحة النوعية".


تصعيد مقبل


وبيّن المسؤول الحكومي، أن الإصرار على إرسال الأسلحة والمعدات المهرّبة إلى مناطق الحكومة الشرعية، رغم إحباطها المتتالي، "يُفسّر حجم الضغوط الإيرانية وتعويل طهران على الحوثيين في لعب دور أكبر وأوسع في مخططها المقبل؛ لأن كميات الأسلحة المرسلة مهولة ولم يسبق لها مثيل حتى خلال الفترة التي سبقت انقلاب الميليشيا على الدولة اليمنية".


وطبقا لتقرير صادر الشهر الماضي عن "مركز بحوث مراقبة التسلح" البريطاني (CAR)، فإن الحوثيين لا يزالون يعتمدون على الدعم الخارجي الذي يصل معظمه في شحنات مهرّبة إلى اليمن، لتعزيز دفاعاتهم الجوية وتنفيذ العمليات العسكرية، بما فيها الهجمات على السفن.


وأشار إلى أن شحنة السلاح الكبيرة التي ضبطتها المقاومة الوطنية، بعد يومين فقط من وقف إطلاق النار بين تل أبيب وطهران، تحتوي على مكونات وأنظمة صاروخية تعدّ من أحدث الطرازات الإيرانية، ولم يسبق رصدها في عمليات سابقة.


ثغرات وتعقيدات


ويرى محلل الشؤون الأمنية، عاصم المجاهد، أن لجوء الحوثيين إلى استخدام موانئ ومنافذ الحكومة الشرعية، "يعكس حالة الاختناق اللوجستي التي تعيشها الجماعة، وفي الوقت ذاته يكشف مرونة تكتيكية، ويوضّح مدى تعقيدات المشهد الأمني في اليمن".


وقال المجاهد لـ"إرم نيوز"، إن إستراتيجية تنويع منافذ التهريب "ليست جديدة لدى الجماعة الحوثية التي اتبعتها منذ السنوات الأولى للحرب، بهدف تقليل المخاطر وتوسيع شبكة الإمداد، بعيدا عن نقاط المراقبة الدولية".


وأشار إلى أن الأمر الجديد في الفترة الأخيرة "هو تزايد اعتماد الحوثيين على المنافذ البرّية في المهرة والمناطق الساحلية الشرقية، بعد أن كبّدتهم الدوريات البحرية وجهود التحالف، خسائر فادحة في البحر الأحمر، وضيّقت الخناق على طرق التهريب التقليدية القادمة من القرن الأفريقي وإيران".


وأضاف أن اختيار الحوثيين للمنافذ والموانئ الحكومية، خصوصا منافذ المهرة وسواحلها الواسعة "لم يأتِ من فراغ، فهذه المناطق تعاني ضعفا نسبيا في الرقابة وتشهد حركة تجارية نشطة ومعقدة يصعب ضبطها كليا، وهو ما يمنح المهرّبين فرصة أكبر للمناورة والتمويه".


وأكد المجاهد، أن سلوك الحوثيين "يكشف عن ثغرات أمنية ورقابية ناتجة عن ضعف التنسيق بين الأجهزة الأمنية، وتداخل صلاحياتها، واستغلالها كأدوات فعّالة لضمان استمرار تدفق الأسلحة والمعدات رغم القيود الدولية".


تأثير متعدد


من جهته، يعتقد الباحث في "المركز اليمني للسياسات"، أحمد الشرجبي، أن الضربات الدولية المتعددة التي تعرض لها الحوثيون خلال الفترة الماضية، خاصة في مناطق صعدة وصنعاء وحجة وعمران، أضعفت قدرتهم على تصنيع وإعادة هيكلة الصواريخ والمسيّرات، "ومن ثم هم يحاولون الآن استيراد الأجهزة والمعدات التي تمكّنهم من ذلك".


وقال الشرجبي لـ"إرم نيوز"، إن هذا النوع من مكونات الأسلحة النوعية، كان وصولها متاحا بشكل كبير عبر تهريبها داخل شحنات تجارية، منذ استئناف النشاط في موانئ الحديدة بموجب الهدنة الأممية في العام 2022، "بينما هناك الآن تحريز كبير لهذه المعدات، سواء كانت عسكرية أو شبه عسكرية أو حتى تجارية".


وذكر أن الحوثيين باتوا يبحثون في الوقت الحالي، عن مراكز تهريب أخرى، بعضها عن طريق البضائع التجارية القادمة من الصين، إلى جانب استغلال الموانئ السودانية ودول جنوب القارة الأفريقية، في تهريب الأسلحة الإيرانية إلى سواحل محافظتي الحديدة وحجة الواقعتين تحت سيطرة الجماعة، غربي اليمن.


وفيما يتعلق بحجم التأثير الذي تخلفه ضغوط مكافحة التهريب المتزايدة على الصعيد الدولي والمحلي، أشار الباحث السياسي، إلى أن ذلك لم يُحدث أضرارا على مستوى قدرات الحوثيين العسكرية فحسب، بل أدى إلى التقليل من قدراتهم الجيوسياسية والمالية، "خاصة بعد توقف الكثير من عمليات التهريب التي تُموّلهم، سواء عن طريق تهريب المهاجرين الأفارقة أو عبر تجارة الممنوعات أو من خلال إدخال البضائع غير المجمركة لصالح كيانات تجارية مقربة منهم".