شهدت مدينة تعز، اليوم الجمعة، احتجاجات حاشدة مع تواصل الاعتصام الشعبي في ساحة العدالة بشارع جمال عبدالناصر، حيث أدى الآلاف صلاة الجمعة في ما أطلق عليها المعتصمون "جمعة الانتصار" للضحايا، ليجددوا تمسكهم بالقصاص من القتلة والمجرمين، والمطالبة بإنهاء حالة الانفلات الأمني التي أودت بحياة شخصيات بارزة في المحافظة، أبرزهم الشهيدة إفتِهان المشهري والطفل مرسال، إضافة إلى ضحايا آخرين.
وردد المشاركون شعارات غاضبة تطالب بسرعة ضبط جميع المطلوبين في قضايا الاغتيالات، وكشف المتورطين في التستر على الجناة، مؤكدين أن دماء الضحايا لن تذهب هدراً، وأن صبر الشارع قد بلغ منتهاه.
وفي خطبة الجمعة، وجّه الخطيب رسائل قوية إلى الأجهزة الأمنية والقضائية والسلطة المحلية، محذراً من المماطلة في كشف الحقائق وتقديم القتلة للعدالة، ومؤكداً أن رهانات بعض القيادات على عامل الوقت للتنصل من المسؤولية "لن تنجح"، وأن تعز لن تقبل باستمرار الفشل والتسويف.
كما رفعت أسر الضحايا صور أبنائها خلال المسيرة التي رافقت الاعتصام، مطالبة بـالقصاص العاجل، ورحيل القيادات الأمنية والمحلية التي وصفوها بـ"العاجزة والمتقاعسة"، معتبرين بقاءها في مناصبها عائقاً أمام تحقيق العدالة والأمن.
وأكد رئيس لجنة المتابعة في الحراك الشعبي، استمرار الاعتصام حتى تحقيق المطالب، مشدداً أن الاعتصام سيبقى سلمياً ومنضبطاً، لكنه في الوقت نفسه يعكس غضباً عارماً قد يتحول إلى انفجار شعبي أكبر إذا استمرت حالة الإفلات من العقاب.
ورغم أن الاعتصام يتسم بالسلمية، فقد شهدت المدينة توترات متقطعة، وتداول ناشطون مقاطع تشير إلى محاولات ضغط على المتظاهرين أو إزالة خيام الاعتصام، خلال الأيام الماضية، وهو ما نَفاه مسؤولون محليون بمدينة تعز.
وبحسب ناشطين وحقوقيين، فإن "اعتصام تعز" يبعث رسالة قوية بأن المحافظة لن تنام قبل أن يعود الحق إلى أهله، وأن الشارع ما زال حياً يرفض التهميش، ويطالب بإصلاحات جذرية في القطاع الأمني، وتحقيق شفاف في جرائم الاغتيالات التي طالت المدينة.
ويرى مراقبون أن ما تشهده تعز اليوم ليس مجرد احتجاج عابر، بل هو فجر شعبي جديد يعلن أن دماء أبنائها هي خط أحمر، وأن القتلة يجب أن يمثلوا أمام العدالة بدلاً من أن يتجولوا بحرية في شوارع المدينة.