في الوقت الذي يتهيأ فيه اليمنيون لإحياء الذكرى الـ63 لثورة 26 سبتمبر المجيدة، التي أطاحت بنظام الإمامة الكهنوتي وأسست للجمهورية، تواصل ميليشيا الحوثي الإرهابية حملات القمع والاعتقال بحق الأصوات المدنية والتربوية التي تجاهر بتمسكها بالثورة والجمهورية. وتعكس هذه الممارسات مخاوف الجماعة من أي تعبير شعبي يتحدى مشروعها الطائفي، ويكشف في الوقت نفسه عمق الحقد التاريخي الذي تحمله على مكتسبات الثورة اليمنية.
وقالت مصادر محلية في محافظة إب إن مسلحي ميليشيا الحوثي اختطفوا، الثلاثاء، المعلم نجيب النصيف، وهو مدرس في مدرسة الشهيد الدعيس بمديرية بعدان، من قريته منزل حميد. وأكدت المصادر أن النصيف يعمل أيضًا كـ"عدل" للقرية، ما جعله شخصية اجتماعية تحظى بالاحترام بين الأهالي.
وأوضحت المصادر أن سبب الاختطاف يعود إلى منشور على حسابه في موقع فيسبوك، ظهر فيه النصيف متشحًا بالعلم الوطني ويحمل شعار ثورة 26 سبتمبر، وهو ما اعتبرته الميليشيا "استفزازًا" لمواقفها المناهضة للثورة والجمهورية.
وتأتي هذه الحادثة ضمن حملة أوسع تشنها الميليشيا منذ أغسطس الماضي، استهدفت معلمين ونشطاء وكتابًا في صنعاء وإب وذمار والحديدة، بذريعة احتفائهم بثورة سبتمبر أو انتقادهم لذكرى انقلاب الجماعة على السلطة في 21 سبتمبر 2014. ووفق تقارير حقوقية، فإن الميليشيا كثّفت عمليات الاعتقال والإخفاء القسري مع اقتراب موعد ثورة 26 سبتمبر، في محاولة لإرهاب المجتمع ومنع أي مظاهر احتفالية مرتبطة بها.
ويشير مراقبون إلى أن استهداف التربويين على وجه الخصوص يعكس إدراك الحوثيين لأهمية المدرسة في ترسيخ قيم الجمهورية والحرية في عقول الأجيال الجديدة، وهو ما يتناقض مع محاولات الجماعة إعادة إنتاج خطاب الإمامة بثوب طائفي وسلالي جديد. كما أن اعتقال شخصيات اجتماعية واعتبار منشور بسيط على فيسبوك جريمة، يعكس ضيق الجماعة بأي رأي مخالف، وقلقها من اتساع دائرة السخط الشعبي ضدها.
وطالب ناشطون وحقوقيون بسرعة الإفراج عن المعلم نجيب النصيف وكافة المختطفين من قبل الميليشيا، محمّلين الجماعة المسؤولية الكاملة عن سلامتهم. وأكدوا أن هذه الممارسات تمثل جريمة ضد حرية الرأي والتعبير، وتؤكد أن الميليشيا ماضية في مشروعها القمعي لإعادة اليمن إلى عصور الظلام.