آخر تحديث :السبت-20 سبتمبر 2025-11:04م
قالوا عن اليمن

بعدد تهديد باغتياله.. هل حددت إسرائيل موقع عبد الملك الحوثي؟

بعدد تهديد باغتياله.. هل حددت إسرائيل موقع عبد الملك الحوثي؟
السبت - 20 سبتمبر 2025 - 08:56 م بتوقيت عدن
- عدن، نافذة اليمن- إرم نيوز:

صعّدت إسرائيل أخيرًا من نبرة تهديداتها المتوعدة باغتيال زعيم ميليشيا الحوثي، عبد الملك الحوثي، إلى جانب استهداف قيادات حوثية من الصف الأول.


ويوحي هذا التهديد بنجاح تلّ أبيب في إحداث خرق استخباراتي قادها نحو معلومات تجعل من هذه القيادات أهدافًا واضحة لعملياتها العسكرية، وفق خبراء ومراقبين.


ارتفاع حدة التهديدات، لا سيما المرتبطة بالقائد الأول لميليشيا الحوثي، يطرح تساؤلًا يتمحور في دلالاته حول معرفة إسرائيل مكان وجود عبد الملك الحوثي، أو تحركاته، ومدى جدّية هذه التحذيرات وحقيقتها، كون الاستهداف المباشر يتطلّب إحداثيات عسكرية دقيقة.


في هذا الإطار، قال الباحث المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي أحمد الديب: "من ناحية قدرة إسرائيل على الوصول إلى زعيم الحوثيين، تجدر الإشارة هنا إلى أن إسرائيل لم تعطِ جماعة الحوثيين أولوية كبيرة، إلا بعد 7 أكتوبر واستهدافها".


وذكر الديب لـ"إرم نيوز": "بداية أعلنت إسرائيل أنها تفتقر إلى معلومات استخباراتية عنهم، ولكن على التوازي أنشأ جيشها وحدة خاصة لرصد مجريات الأحداث في اليمن، وتعلم اللهجة اليمنية، وأعدّ قاموسًا خاصًا لمفرداتها".


ويعتقد الديب أن "إسرائيل حصلت على معلومات استخباراتية مهمة خلال الفترة الماضية، واخترقت بعض القيادات بالفعل، ولكنها تؤجل استهدافهم لرصد تحركاتهم والحصول على مزيد من المعلومات".


وقال إن "عملية استهداف وزراء حكومة الحوثيين -التي يصفونها بأنها تفوق عملية البيجر في لبنان- دليل عملي على اختراق جماعة الحوثي".


ويرى الديب أن دور استهداف عبد الملك الحوثي قد حان، وأن التهديدات الإسرائيلية "تؤخذ على محمل الجدّ"، خصوصًا أنها انطلقت من وزير دفاعها.


وتابع الديب: "أعتقد أن إسرائيل على دراية بموقع زعيم الحوثيين، ولكنها تختار التوقيت المناسب لاستهدافه، واستهداف قادة الصف الأول".


وبالمقارنة بين التهديدات الأخيرة، والتحذيرات السابقة، تبدو اللهجة الإسرائيلية هذه المرة "أكثر حدّة"، إذ أطلق وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس تصريحًا حديثًا صباح الجمعة، جاء بصورة رسالة مباشرة، فقد قال: "عبد الملك الحوثي.. سيأتي دورك"، متوعدًا بإلحاق الرأس (عبد الملك) ببقية أعضاء الجسد (حكومته)، لمقابلتهم في أعماق الجحيم، وفق توصيفه.


وعند العودة إلى تصريحات سابقة للوزير الإسرائيلي نفسه، في هذا الصدد، منتصف شهر مايو/أيار الماضي، جاءت التهديدات أشبه بـ"جملة اشتراطية" قائلًا: "إذا واصل الحوثيون إطلاق صواريخهم، فسيتلقون ضربات موجعة، وسنستهدف عبد الملك الحوثي".


حول ذلك، يشير الصحفي المتخصص في شؤون الدفاع والأمن أحمد شبح إلى أن "التهديد الإسرائيلي الجديد باستهدف عبد الملك الحوثي يُقرأ على أنه إيذان باتخاذ قرار تصعيدي في إطار المواجهة مع الحوثيين".


وأضاف شبح، في حديثه لـ"إرم نيوز": "ترتسم معالم الخطوة التصعيدية من خلال التوسّع نحو استهداف القيادات الحوثية البارزة سواء الحربية أو التنظيمية، علاوةً على استهداف القدرات العسكرية الحيوية والحسّاسة للميليشيا".


ويُرجّح شبح أن "ارتفاع حدة التهديدات الإسرائيلية ربما جاء في أعقاب توجيه جُهد استخبارتي كبير داخل الميليشيا، عبر التغلغل في مناطق سيطرتها، والوصول إلى مكتبة معلومات لتخطيط بنك أهداف قد تكون (نوعية) وتطال رؤوس الحوثيين".


في المقابل، استبعد مراقبون معرفة إسرائيل مكان عبد الملك الحوثي، وأن تكون قد نجحت مخابراتها في الحصول على معلومات دقيقة في هذا الخصوص، متسائلين عن المانع من استهدافه إذا ما كانت إسرائيل بالفعل مُطّلعة على بيانات استخباراتية تكشف مخبأه.


في هذا الصدد، قال الخبير في شؤون الأمن والدفاع محمد الباشا: "‏لا أعتقد شخصيًا أن إسرائيل أو استخباراتها تمتلك معلومات دقيقة عن مقر وتحركات عبد الملك الحوثي".


وأفاد الباشا، في سياق حديثه لـ"إرم نيوز": "لو كانت على علم بمكانه، لكانت استهدفته بالفعل، خصوصًا في ظل الأحداث الأخيرة الواقعة في إطار التوترات الإقليمية وتصاعد الصراع في البحر الأحمر واليمن".


واستدرك الباشا، وهو مؤسس شركة استشارات للمخاطر الأمنية مقرها الولايات المتحدة ومتخصصة في شؤون الشرق الأوسط: "ومع ذلك، من المؤكد أن إسرائيل تسعى للوصول إليه واستهدافه، مدفوعةً بثقة عالية بقدراتها الاستخباراتية والعسكرية".


ويرى الباشا أن "هذه الثقة تستند إلى سجلها الأخير في تصفية شخصيات رفيعة المستوى، بما في ذلك قيادات بارزة في الحرس الثوري الإيراني، والأمين العام السابق لحزب الله وولي عهده، وكذلك قادة من حركة حماس في غزة وإيران".


وأشار إلى أن "مثل هذه العمليات النوعية تعزز قناعة إسرائيل بقدرتها على الوصول إلى قيادات الصف الأول، بمن فيهم عبد الملك الحوثي، إذا ما توفرت المعلومات الدقيقة حول موقعه وتحركاته".


وهناك من ينظر إلى التهديدات الإسرائيلية بأنها لا تعدو كونها تأتي في سياق الحرب الإعلامية والنفسية، أو الذهاب أبعد من ذلك، عبر توقع انتهاج تل أبيب استراتيجية جديدة، تسعى من خلالها إلى إحداث تصدع في جدار بنية الحوثيين، يؤدي إلى انهيارها والتشقّق من الداخل.


يقول الباحث في العلوم الأمنية العقيد وليد الأثوري: "تواصل إسرائيل توجيه رسائل تهديد متعددة المستويات تجاه ميليشيا الحوثي في اليمن، في سياق تصعيد يدخل ضمن أدوات الحرب النفسية، ويُعد جزءًا من استراتيجية الضغط المركبة التي تنتهجها تل أبيب في مواجهاتها غير المباشرة مع أذرع إيران في المنطقة".


وتابع الأثوري: "يُنظر إلى التهديدات التي طالت رأس زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي على أنها ليست فقط تصريحات نارية، بل خطوات محسوبة تهدف إلى خلق فرص لإعادة توزيع الولاءات داخل الجماعة".


وأضاف أن هذه التهديدات تسعى إلى "دفع قيادات الحوثيين الميدانية إلى التخلي عن عبد الملك الحوثي، تمامًا كما فعلت إسرائيل في تعاملها مع حزب الله في لبنان، وبعض الميليشيات الموالية لإيران في العراق وسوريا".


وأوضح الأثوري لـ"إرم نيوز" أن "تحديد التوقيت والموقع المناسب لأي عملية استهداف يتم بناءً على تقديرات أمنية وعسكرية دقيقة تأخذ في الاعتبار الأثر العملياتي والسياسي على الأرض".