غيّب الموت أسطورة يمنية من نوع نادر، حيث فاجأ رحيل آمنة العلفي - أول سائقة سيارة أجرة في محافظة المحويت - أبناء مديرية حفاش، تاركةً خلفها إرثًا من الكفاح الأسطوري وتحدي المستحيل.
لم تكن "آمنة" مجرد سائقة عادية، بل كانت ظاهرة استثنائية حطمت قيود العصر والبيئة المحافظة منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث قادت سيارتها الصالون الدفع الرباعي بشجاعة نادرة عبر أخطر الطرق الجبلية والمنحدرات الصعبة، حاملةً البضائع والمسافرين وهموم الناس، لتحفر اسمها كأيقونة للتحدي والإرادة الفولاذية.
لقّبها أهالي المنطقة بـ"البريد" نظرًا لنشاطها المستمر وحركتها اليومية التي لم تتوقف، حيث كانت تقوم بنقل الركاب والمؤن والرسائل بين قرى المحويت والمناطق المجاورة، في وقت لم يكن من المألوف فيه رؤية امرأة خلف مقود السيارة.
ورحلت "العلفي" بعد معاناة قصيرة مع المرض، لكن مسيرتها الحافلة بالإنجاز والعطاء استمرت لعقود، أصبحت خلالها رمزًا للعطاء لا يُنسى.
و عُرفت بسخائها وحبها للخير، وكرست حياتها لرعاية أبناء شقيقها، مفضلةً أن تكون سندًا لعائلتها ومشعل أمل لمجتمعها.
شييع أبناء المديرية رمزًا من رموز القوة، امرأة لم تكتفي بكسر القوالب النمطية، بل صاغت واقعًا جديدًا يُحتذى به، تاركةً فراغًا هائلًا وذكرى خالدة لـ "امرأة حديدية" رفضت الاستسلام، وقادت طريقها بيدٍ ثابتة على عجلة القيادة وقلبٍ كبير مليء بالإنسانية.