في تصعيد جديد يعكس حجم الضغوط التي تمارسها مليشيا الحوثي ضد شركائها في صنعاء، أجبرت الجماعة قيادة حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صنعاء) على إصدار قرار يقضي بفصل العميد أحمد علي عبدالله صالح، نجل الرئيس اليمني الراحل، من منصبه كنائب لرئيس الحزب، إضافة إلى إسقاط عضويته، في خطوة اعتبرها مراقبون فصلًا جديدًا من الحرب التي تشنها الجماعة لإضعاف الحزب والتحكم في قراره السياسي.
وقالت مصادر حزبية في صنعاء إن الحوثيين وضعوا هذا الشرط كخطوة أولى لبقاء اسم حزب المؤتمر ضمن الخارطة السياسية في مناطق سيطرتهم، ملوّحين بحله أو إنهاء وجوده كليًا إن لم يتم الاستجابة لمطالبهم. ويرى مراقبون أن الجماعة تسعى بهذه الخطوة إلى إزاحة أي رموز قيادية ترتبط بتاريخ المؤتمر أو بالرئيس الراحل علي عبدالله صالح، الذي خاض معهم مواجهة دامية في ديسمبر 2017 انتهت باغتياله.
وأكد القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، حسين حازب، عبر تغريدة على منصة (إكس)، أن اللجنة العامة للحزب أقرت بالإجماع إلغاء قرار سابق يقضي بتصعيد العميد أحمد علي عبدالله صالح إلى منصب نائب ثالث لرئيس الحزب، وأن القرار شمل أيضًا فصله من عضوية المؤتمر. واعتبر حازب أن القرار جاء ضمن ما أسماه "تقرير الرقابة التنظيمية"، في إشارة إلى أن الأمر صُوِّر وكأنه إجراء داخلي، رغم أن مصادر داخل الحزب أكدت أنه فرض حوثي بحت.
ويأتي القرار وسط خلافات متصاعدة بين جماعة الحوثي وقيادات حزب المؤتمر (جناح صنعاء) من جهة، وبين قيادات المؤتمر نفسها من جهة أخرى، خصوصًا بعد تزايد اتهامات الأعضاء للحوثيين بمحاولة السيطرة على الحزب وتغيير هويته، وتحويله إلى كيان تابع يخدم أجندة الجماعة بعيدًا عن إرثه السياسي والوطني.
ويشير محللون سياسيون إلى أن استهداف نجل الرئيس الراحل بالفصل يعكس خشية الحوثيين من أي دور مستقبلي قد يلعبه أحمد علي، الذي لا يزال يحظى بثقل سياسي ورمزية كبيرة داخل أوساط المؤتمر وجماهيره، خاصة في المحافظات الخاضعة للحكومة الشرعية وخارج اليمن. كما يرون أن هذه الخطوة تكشف استراتيجية الحوثيين القائمة على تفكيك الأحزاب السياسية التقليدية لصالح هيمنة سياسية مطلقة للجماعة.
ويرى مراقبون أن الصراع بين الحوثيين وحزب المؤتمر لن يتوقف عند هذه الخطوة، بل قد يتطور إلى مزيد من التضييق على كوادر الحزب ومؤسساته في صنعاء، في ظل سياسة ممنهجة تسعى إلى إقصاء أي شركاء سياسيين أو قوى وطنية منافسة، ما يعزز مناخ الاستبداد ويقوض التعددية السياسية التي عُرف بها اليمن لعقود.