تفاقمت خلال الساعات الماضية قضية ما بات يُعرف بـ"كشوف الإعاشة" الخاصة بمسؤولين حكوميين يقيمون خارج اليمن، بعد تضارب حاد بين تصريحات رسمية وتأكيدات صحفية عن صرف ملايين الدولارات تحت هذا البند المثير للجدل، في وقت يعيش فيه ملايين الموظفين والمعلمين والعسكريين داخل البلاد أوضاعًا مأساوية بسبب انقطاع رواتبهم لأشهر.
مصدر حكومي مسؤول أكد أن الدولة لم ولن تصرف أي مرتبات بالدولار ضمن ما يُسمى بكشف الإعاشة، مشددًا على أن الملف تمت مناقشته مسبقًا مع مجلس القيادة الرئاسي، وتم الاتفاق على حصر الصرف بأقل من 20% من قوام الكشف، ولـ"حالات استثنائية محدودة" من غير الوزراء والنواب وكبار المسؤولين.
وأوضح المصدر بحسب ما نقل الصحفي الاقتصادي ماجد الداعري عنه، بأن الحكومة لم تصرف حتى اليوم أي مبالغ تحت هذا البند، مشيرًا إلى أن الأولوية القصوى ما تزال متمثلة في صرف مرتبات الجيش والأمن والقطاعات الخدمية، وأن أي مبالغ مستقبلية ستُصرف بالعملة المحلية لا بالدولار، ولن تتجاوز نصف مليون دولار شهريًا، بينما المبلغ الكلي لكشف الإعاشة الموقوف يقدر بنحو خمسة ملايين دولار.
كما نفى المصدر وجود أي ضغوط من مجلس القيادة على الحكومة لصرف هذه المرتبات، لافتًا إلى أن الأمر تم بحثه والتفاهم بشأنه مع رئيس وأعضاء المجلس وبالتنسيق مع الجانب السعودي، الذي تكفل منذ سنوات بتغطية الجزء الأكبر من هذه المخصصات.
لكن هذه الرواية الرسمية تصطدم بما كشفه الصحفي اليمني البارز فتحي بن لزرق، في وقت سابق من اليوم الاثنين، والذي أكد عبر حسابه على موقع فيس بوك، أن مبلغ 11 مليون دولار جرى صرفه أمس وتحويله إلى حسابات مسؤولين حكوميين في الخارج تحت مسمى "الإعاشة الشهرية للمؤلفة قلوبهم"، كدفعة أولى من المبالغ المقررة.
ووصف بن لزرق ما يحدث بأنه "معيب" و"وصمة عار"، في ظل واقع مرير يعيشه المواطنون، حيث لم يتسلم المعلمون – الذين لا يتجاوز راتب بعضهم 60 ألف ريال – رواتبهم منذ ثلاثة أشهر، فيما ينتظر جنود الجيش والأمن مرتباتهم المعلقة منذ فترة طويلة.
وأضاف أن آلاف الموظفين يكافحون لتأمين قوت يومهم، غير قادرين على شراء احتياجاتهم الأساسية رغم تراجع أسعار بعض السلع، بينما تُصرف ملايين الدولارات في الخارج لأشخاص لا يمارسون أي عمل فعلي داخل البلاد.
وطالب بن لزرق رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بالتدخل الفوري لإيقاف هذا العبث، مؤكدًا أن "استمرار صرف أموال الشعب في الخارج بينما يموت المواطنون جوعًا داخل البلد لم يعد مقبولًا".