غادرت بدرة يوسف، إحدى آخر النساء من الجالية اليهودية اليمنية، البلاد بهدوء، منهيةً بذلك فصلًا طويلًا من الحضور اليهودي الأصيل في اليمن، استمر لقرون من التعايش، الصراع، والعناد في وجه كل العواصف.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم الأربعاء، أن بدرة يوسف وصلت إلى إسرائيل خلال يونيو الماضي، بعد عامٍ من وفاة زوجها يحيى يوسف، الذي ظل معها حتى الرمق الأخير في اليمن، رافضَين معًا عروض الهجرة، ورغبات التفكيك، ومحاولات الإغراء التي طاردتهما لعقود.
الصحفي اليمني علي إبراهيم الموشكي، أعلن الخبر بتدوينة مؤثرة قال فيها: "الحمد لله على وصولك بالسلامة يا خالة بدرة"، مشيدًا بصلابة الزوجين، واصفًا إياهما بأنهما: "من أروع يهود اليمن الوطنيين الذين عاشوا في صمت، ورفضوا أن يبيعوا هويتهم مقابل عروض العالم."
بدرة ويوسف عاشا في ظروف قاسية، وتمسّكا بالبقاء، رغم كل التحولات السياسية، والانهيارات الأمنية، والتحريض الطائفي، والصراعات التي كانت تعصف بكل من يختلف.
جالية تندثر… وتاريخ يُطوى
بحسب "المكتبة اليهودية الافتراضية (Jewish Virtual Library)"، تعود جذور الجالية اليهودية في اليمن إلى عصور ما قبل الإسلام، وازدهرت في مراحل مختلفة، لا سيما خلال الحقبة الوسطى، لكنها واجهت اضطهادًا متكررًا عبر التاريخ، كـ"مرسوم الأيتام"، ومحاولات التحويل القسري، والتمييز، والتهميش.
اليوم، ووفقًا للتقارير، لم يتبقى في اليمن سوى أربعة يهود فقط، أبرزهم لاوي سالم موسى مرحبي، الذي اعتقلته مليشيا الحوثي عام 2016، بتهمة محاولة تهريب نسخة قديمة من التوراة.
الرحيل الأخير… من بقي؟
رحيل بدرة يوسف لا يعني مغادرة امرأة مسنّة فقط، بل يُمثّل انقراضًا شبه كامل لحضورٍ ديني وثقافي وتاريخي شارك في تشكيل النسيج اليمني لآلاف السنين.
إنه صوت أخير ينطفئ، ونافذة تُغلق، وجرح قد لا يُشفى بسهولة من ذاكرة وطنٍ تتآكل هويته.