آخر تحديث :الثلاثاء-30 ديسمبر 2025-01:01ص

اليمن بين الفوضى والتراجع: مجلس القيادة الرئاسي مسؤول عن استمرار الأزمة

الثلاثاء - 30 ديسمبر 2025 - الساعة 12:45 ص

خالد علاية
بقلم: خالد علاية
- ارشيف الكاتب


مع كل موجة أزمة جديدة تعصف باليمن، تتردد على ألسنة المواطنين عبارة تلخص مأساة البلد: "كلما قلنا: عساها تنجلي... قالت الأيام: هذا مبتداها". هذه الكلمات ليست مجرد شعور نفسي، بل واقع مؤلم يعكس إخفاق القيادة اليمنية الحالية في تقديم حلول جذرية تمنع تكرار الأزمات.


رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي يتحملون مسؤولية مباشرة عن استمرار الفوضى والانقسامات في البلاد. من تأخر معالجة النزاعات في المحافظات إلى عدم وضع خطة واضحة لإدارة القوات المسلحة، ساهم المجلس في تصعيد الصراعات بدلًا من احتوائها. ما حدث مؤخرًا في حضرموت والمهرة هو دليل صارخ على غياب استراتيجية سياسية واضحة، وعلى قرارات مفاجئة وغير مدروسة تُفاقم الأزمة وتزيد معاناة السكان المدنيين.


اليمن اليوم يواجه أزمة قيادة حقيقية. منذ انقلاب مليشيات الحوثي على الدولة في 2014، دخل البلد في مرحلة من التفكك المؤسسي والاجتماعي. الانقلاب لم يكن مجرد حدث سياسي عابر، بل نقطة فاصلة قلبت مفاهيم الحكم وأدّت إلى انهيار مؤسسات الدولة. ومع ذلك، فإن فشل مجلس القيادة الرئاسي في إدارة الأزمة الداخلية وعدم وجود رؤية واضحة لإعادة بناء الدولة، جعلا الانقسامات مستمرة وعمّقا أزمات المواطنين.


الانقلاب الحوثي دمّر الدولة، وحوّل السلاح إلى أداة سلطة، وزجّ الأطفال في جبهات القتال، وغيّب الحريات، بينما تهاوت القيم الاجتماعية والمؤسساتية. ورغم ذلك، فإن المجلس الرئاسي لم يُظهر القدرة على وضع حد لهذا الانهيار، ولم ينجح في استعادة السيطرة على المحافظات أو ضمان انسحاب القوات المسلحة بطريقة منظمة، بما يحفظ الأمن والاستقرار.


استمرار الأزمة ليس نتيجة قوى خارجية فحسب، بل نتيجة مباشرة لعدم قدرة القيادة الحالية على اتخاذ قرارات جريئة وحاسمة. تصريحات المجلس وتصريحات المسؤولين غالبًا ما تكتفي بالوعود العامة، بينما الواقع على الأرض يعكس ضعف الإدارة وعجز التخطيط الاستراتيجي، ما يزيد من شعور اليمنيين بالخذلان وفقدان الأمل.


السلام المستدام لن يتحقق دون قيادة تتحمل مسؤوليتها كاملة، وتضع أولويات الوطن فوق أي حسابات شخصية أو ضيقة. الحل الحقيقي يكمن في إنهاء الانقلاب، استعادة الدولة، وبناء مؤسسات قوية تحمي الحقوق والمواطنة المتساوية. أي تأجيل أو تراخي من قبل مجلس القيادة الرئاسي سيبقي اليمن في حالة من الفوضى المستمرة، ويؤجل الوصول إلى "منتهاها" التي ينتظرها الشعب.


اليمن على مفترق طرق: إما استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب وبناء وطن شامل لكل أبنائه، أو استمرار التشظي والانهيار إذا ظل مجلس القيادة الرئاسي عاجزًا عن تحمل المسؤولية التاريخية. الوقت ليس رفاهية، بل ضرورة وطنية ملحة، وكل لحظة تأخير تزيد من حجم التحديات وتعقّد الطريق نحو الاستقرار المنشود.