ترأس رئيس مجلس الوزراء، الدكتور سالم صالح بن بريك، اليوم الأربعاء، في العاصمة عدن، الاجتماع الدوري لمجلس الوزراء، الذي تحوّل إلى منصة إنذار مبكر أمام التحديات الاقتصادية المتراكمة، وسط تصعيد احتجاجي في حضرموت وتدهور للخدمات في المدن المحررة، حيث أطلق رئيس الوزراء سلسلة رسائل حازمة تؤكد دخول الحكومة في مرحلة "القرارات الشجاعة والاستثنائية".
الاجتماع كُرّس لمناقشة التطورات الوطنية والإقليمية الراهنة على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية والخدمية، وسط تصاعد الأعباء التي تواجه مؤسسات الدولة والجهود المبذولة لاحتوائها، مع استضافة خاصة لمحافظ البنك المركزي أحمد غالب وقيادة البنك، للوقوف على مستوى التنسيق بين السياستين المالية والنقدية، والإجراءات الأخيرة لضبط سوق الصرف وكبح التدهور الاقتصادي.
وقدّم محافظ البنك المركزي تقريرًا شاملًا عن الأداء المالي والنقدي خلال النصف الأول من العام 2025، تضمن استعراضاً للمؤشرات الاقتصادية، وأبرز الإصلاحات النقدية، والتي شملت تفعيل أدوات الدين العام، والتدخل في السوق لمواجهة تقلبات الصرف، وإيقاف طباعة العملة، وفرض رقابة مشددة على شركات الصرافة المخالفة، الأمر الذي أسهم في تحقيق تحسّن ملحوظ في سعر صرف الريال اليمني.
كما أشار التقرير إلى استكمال نقل المنظومة المصرفية بالكامل إلى عدن، وقرب إطلاق الشبكة الموحدة بقيادة البنوك، بالتوازي مع تنفيذ أنظمة الدفع الرقمية بدعم من البنك الدولي، وهو ما سيحدث نقلة نوعية في الرقابة والشمول المالي.
وفي هذا السياق، اقترح البنك جملة من المعالجات العاجلة، في مقدمتها تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها مع المانحين، وتفعيل أدوات التنسيق بين البنك ووزارة المالية، وتعزيز دور الأجهزة الأمنية والقضائية لمواجهة الأنشطة التخريبية في السوق النقدية.
الحكومة من جانبها، أبدت دعمها الكامل لإجراءات البنك، مشددة على أهمية استثمار تحسّن سعر الصرف لضبط الأسواق والأسعار وضمان انعكاس ذلك على معيشة المواطنين، ووجّهت الوزارات والأجهزة الرقابية بتكثيف الرقابة واتخاذ إجراءات صارمة بحق المتلاعبين بأسعار السلع الأساسية.
كما ناقش الاجتماع التدخلات المنسقة بين الحكومة والبنك المركزي لتعويض تراجع الإيرادات العامة جراء استهداف مليشيات الحوثي لموانئ تصدير النفط الخام، وإقرار تمويل العجز من مصادر غير تضخمية للحفاظ على الاستقرار النقدي، وضمان استمرارية دفع المرتبات وتقديم الخدمات الأساسية.
وفي رد على تصريحات منسوبة لمحافظ البنك بشأن وجود 147 مؤسسة إيرادية لا تورد للبنك، أوضح المجلس أن غالبيتها غير فاعلة أو مجمدة منذ سنوات، مشددًا على التزام الحكومة بكشف الأسماء للرأي العام وتطبيق القانون بحق أي جهة تخالف النظام المالي.
رئيس الوزراء، وفي كلمته أمام المجلس، أطلق تحذيرًا لافتًا، مؤكدًا أن المرحلة الراهنة تتطلب قرارات شجاعة تتجاوز الحسابات التقليدية، قائلاً: "الظروف صعبة واستثنائية، لكنها ليست مبررًا للتنصل. سنواجه الاختلالات ونحاسب المخلّين، وسنتخذ خطوات جريئة لصالح الشعب".
كما أعلن عن تشكيل اللجنة العليا لإعداد موازنة الدولة لعام 2026، بعد سنوات من تعثّر هذا الملف السيادي، مؤكدًا أن هذا يمثل محطة مفصلية لإعادة الانضباط المالي، وتوجيه الموارد نحو الأولويات الحقيقية للمواطن والتنمية والخدمات.
الاجتماع لم يغفل الأوضاع الخدمية والانفجار الشعبي في عدد من المدن، خصوصًا في حضرموت التي تشهد احتجاجات واسعة، حيث أبدى المجلس تفهمه للمطالب المشروعة، وحذر من استغلالها سياسيًا، مؤكدًا دعمه لجهود مجلس القيادة الرئاسي لتطبيع الأوضاع والاستجابة لمطالب أبناء حضرموت المشروعة.
واختتم بن بريك الاجتماع بتوجيهات عاجلة لتكثيف الجهود الحكومية وتفعيل التنسيق بين السلطات المركزية والمحلية، محذرًا من مغبة التباطؤ أو التجاذبات، ومؤكدًا أن "اللحظة تاريخية، والمسؤولية وطنية، والنجاح مرهون بالتحرك السريع لإنقاذ الاقتصاد وخدمة المواطن."
المصدر: سبأ نت