خلال السنوات الثلاث الماضية واصلت مليشيات الحوثي قمع سكان وقبائل رداع في محافظة البيضاء عبر جرائم خلفت عشرات القتلى وتجري بعيدا عن دائرة الضوء.
فبعد 3 أشهر فقط من توقيع الهدنة الأممية في أبريل/نيسان 2022، اتجهت مليشيات الحوثي لقمع سكان وقبائل رداع في محافظة البيضاء (قلب اليمن).
وبدأت مليشيات الحوثي بقمع السكان وبؤر القبائل المناهضة لها في بلدة "خبزة" في القريشية، وانتقلت إلى "حمة صرار" في ولد ربيع، ثم "حنكة آل مسعود" في القريشية، وانتهاء ببلدة "الحفرة" بمدينة رداع، التي تشهد منذ 20 يوليو/تموز الجاري جرائم حوثية غير مرئية.
ووفقًا لإحصائية أولية أعدتها "العين الإخبارية"، فإن الهجمات الحوثية على بلدات "خبزة" و"حمة صرار" و"حنكة آل مسعود" و"الحفرة" في رداع خلّفت أكثر من 103 مدنيين قتيلًا وجريحًا خلال الفترة الممتدة من 19 يوليو/تموز 2022 وحتى 27 يوليو/تموز 2025.
ووفقًا للإحصائية، فقد أخذ الحوثيون نحو 440 شخصًا كرهائن من البلدات الـ4، وفجّروا نحو 41 منزلًا سكنيًا، وعمدوا إلى جانب ذلك لجرائم العقاب الجماعي كالحصار لأسابيع، وقطع الإمدادات، وحتى الاتصالات، والتطهير العرقي لقبيلة قيفة بشكل خاص، في جرائم ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، وتستهدف كسر أي مقاومة أو رفض لسطوة الجماعة.
ورداع، التي تبعد نحو 130 كيلومترًا عن صنعاء، تُعد من المدن التاريخية الشهيرة الغنية بالمواقع الأثرية، وتضم 7 مديريات هي: رداع، الشرية، القريشية، ولد ربيع، صباح، العرش، والرياشية، وتحولت منذ أواخر 2014 إلى مركز ثقل مهم لمقاومة استبداد الحوثي.
ماذا يحدث في الحفرة؟
قال مصدر حكومي مسؤول لـ"العين الإخبارية"، إن مليشيات الحوثي نقضت يوم السبت 26 يوليو/تموز 2025، اتفاقًا قبليًا مع أبناء مدينة رداع، وهاجمت المواطنين العزل في حارة الحفرة بعد حصار دخل أسبوعه الثاني ولا زال مستمرًا حتى اليوم.
ووفقًا للمصدر، فقد دفعت مليشيات الحوثي بمجاميع متخصصة معززة بالآليات والمدرعات لحصار حي الحفرة ومهاجمته، مما أسفر عن مقتل 3 مواطنين وجرح آخرين.
وأكد المصدر أن "مليشيا الحوثي تستمر في تنفيذ الهجوم الإجرامي وسط المدينة الآهلة بالسكان، وسيؤدي ذلك إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى، وانتهاكات واسعة بحق المواطنين العزل".
ويتّهم سكان الحفرة، الذين ينتمي غالبيتهم لقبيلة قيفة، مليشيات الحوثي بإفشال جهود وساطة محلية توصلت إلى اتفاق، قضى بتسليم 10 رهائن للجماعة مقابل تجنيب المدينة مزيدًا من التصعيد.
وكانت المواجهات قد اندلعت في 20 يوليو/تموز الجاري بين سكان حي الحفرة ومليشيات الحوثي، مما أسفر عن سقوط 3 قتلى من أبناء الحي، وإصابة 5 آخرين، فيما قُتل 2 من عناصر المليشيات التي لجأت لاستقدام التعزيزات وفرض حصار خانق على السكان.
وتقول الحكومة اليمنية إن "سلسلة الاعتداءات الحوثية المتكررة تأتي في إطار سياسة ممنهجة لترهيب المواطنين وفرض نفوذ المليشيات بالقوة على المناطق الخاضعة لسيطرتها"، مستغلة التهدئة الهشة.
الهجوم الحوثي على حي الحفرة السكني ليس الأول ولن يكون الأخير، حيث سبق للمليشيات أن فجّرت 8 منازل على ساكنيها في مارس/آذار 2024، مما أسفر عن مقتل 16 شخصًا، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 30 شخصًا، في جريمة لاقت تنديدًا محليًا ودوليًا وأمميًا.
وليست الحفرة وحدها، حيث سبق لمليشيات الحوثي محاصرة "حنكة آل مسعود" لأسبوع متواصل في يناير/كانون الثاني 2025، مما أثار تنديدًا حقوقيًا كبيرًا.
آنذاك، اقتحم الحوثيون بلدة "حنكة آل مسعود" بمشاركة الطائرات المسيّرة، واختطفوا أكثر من 400 مدني على الأقل، بينهم أطفال وشيوخ، واتخذوهم كرهائن، كما قُتل 7 مدنيين وأُصيب 18 آخرون.
ولترهيب السكان جماعيًا، فجّر الحوثيون بالعبوات الناسفة كليًا نحو (16) منزلًا، وأحرقوا (5) منازل أخرى.
وتعرّضت بلدة "حمة صرار" في رداع، في أغسطس/آب 2024، لنفس الجرائم، حيث دارت في البداية اشتباكات عنيفة بين المليشيات والأهالي، أدت إلى مقتل مدنيين وجريح واحد، فيما سقط عددٌ من عناصر المليشيات قتلى وجرحى.
وحاصر الحوثيون "حمة صرار" لنحو أسبوع، وأحرقوا منزلًا بالكامل، قبل دخول وساطة قبلية انتهت بتسليم 11 رهينة من القبائل للحوثيين مقابل تجنيب البلدة المواجهة.
وكان الحوثيون اتجهوا في 19 يوليو/تموز 2022، بعد 3 أشهر من توقيع الهدنة الأممية، للتنكيل ببلدة "خبزة"، التي تعرّضت لحصار لنحو 9 أيام، مما أسفر عن سقوط 18 مدنيًا بينهم نساء وأطفال بين قتيل وجريح، فيما أخذت المليشيات 28 مدنيًا كرهائن لتطويع القبائل، فضلًا عن تفجير 16 منزلًا كليًا و27 منزلًا جزئيًا.