في مؤشر جديد على إصرارها على ترسيخ نفوذها الإقليمي عبر الوكلاء، كشفت شبكة CNN الأمريكية أن إيران لا تزال تواصل تهريب الأسلحة إلى ميليشيا الحوثي في اليمن، رغم الضربات التي استهدفت قادة بارزين في الحرس الثوري الإيراني خلال الأشهر الماضية، والقيود الدولية المفروضة على عمليات التهريب البحري.
وأكدت الشبكة في تقرير موسّع، أن الحوثيين المدعومين من طهران عادوا لتصعيد هجماتهم في البحر الأحمر بعد أشهر من الهدوء النسبي، مستخدمين أسلحة إيرانية متطورة، بينها طائرات مسيّرة وصواريخ موجهة، في عمليات استهدفت سفنًا تجارية، وتسببت بسقوط ضحايا واختطاف طواقم مدنية.
ووفقًا لمسؤولين أمريكيين تحدّثوا لـCNN، فإن أحدث عملية تهريب تم اعتراضها مؤخراً من قبل قوات المقاومة الوطنية، حملت ما لا يقل عن 750 طنًا من الأسلحة، تضمنت محركات طائرات مسيّرة وأنظمة رادار وصواريخ كانت متجهة للحوثيين، في ما وصفته القيادة المركزية الأمريكية بأنه "أكبر عملية مصادرة أسلحة" في تاريخ الحرب في اليمن.
استمرار رغم الخسائر
ويأتي التقرير في ظل سياق إقليمي متوتر، حيث تكثف إيران دعمها للحوثيين، على الرغم من الخسائر التي تكبدتها في سوريا ولبنان والعراق، وسقوط عدد من كبار قادتها خلال الضربات الإسرائيلية أو الأمريكية. غير أن هذا لم يُغيّر من استراتيجية طهران القائمة على استخدام الأذرع العسكرية غير النظامية كوسيلة لبسط النفوذ، وتأمين أوراق ضغط تستخدمها في مفاوضاتها مع الغرب.
وقال مسؤولون لـCNN إن السياسة الإيرانية لم تتبدل، رغم الضغوط والعقوبات، وإن استمرار إرسال شحنات السلاح عبر البحر يُظهر إصرار النظام الإيراني على الاحتفاظ بالحوثيين كأداة عسكرية وسياسية في المنطقة.
تهديد دائم للملاحة الدولية
ويحذر التقرير من أن اليمن، وخاصة مناطقه الساحلية، لا يزال واحدًا من أخطر مسارات التهريب النشطة للأسلحة الإيرانية، مما يعزز قدرات الحوثيين على تنفيذ هجمات تُهدد أمن البحر الأحمر والممرات الحيوية للتجارة العالمية.
وشدد محللون أمنيون نقلت عنهم الشبكة، أن الاعتماد الإيراني على الحوثيين يتجاوز الدعم العسكري التقليدي، ليُشكّل ركيزة أساسية في إستراتيجية "الردع غير المتكافئ"، من خلال تهديد أمن الملاحة وخلق أزمات في ممرات الطاقة، وهو ما يجعل ميليشيا الحوثي أداة ضغط في أي مفاوضات نووية أو ملفات إقليمية.
تضييق الخناق لا يكفي
رغم نجاح عمليات مصادرة الشحنات، إلا أن التقرير يؤكد أن إيران وجدت بدائل جديدة للتهريب، بينها طرق بحرية وجوية غير مباشرة، واستخدام شركات وهمية وشبكات تهريب واسعة، ما يصعّب من جهود التحالف الدولي في تعقّب كل الشحنات.
ويثير استمرار تدفق السلاح إلى الحوثيين مخاوف من تجدد دورة الصراع في اليمن، خصوصاً مع انهيار المسارات السياسية، وتوسّع طموحات الحوثيين لتكريس أمر واقع بالقوة.
يؤكد تقرير CNN أن إيران مصممة على استخدام الحوثيين كورقة ضغط دائمة في الصراع الإقليمي، وأن مخاطر التصعيد في البحر الأحمر ستبقى قائمة ما دام التدفق الإيراني للسلاح مستمراً. كما أن المجتمع الدولي مطالب، أكثر من أي وقت مضى، بتكثيف الجهود لوقف التهريب، ومنع استخدام اليمن كمنصة لتهديد الأمن البحري والإقليمي.