تلقى الصحفي البارز عبدالرحمن أنيس، مساء السبت، رسالة موجعة ومليئة بالقهر الإنساني، من أبٌ عدني مكلوم كشف جانبًا من المعاناة الصامتة التي يعيشها آلاف المواطنين في العاصمة عدن، بفعل استمرار إضراب المعلمين وانهيار التعليم الحكومي.
وجاء في الرسالة التي نشرها أنيس: "لا أطلب صدقة، ولا أشكو فقري، لكنني أكتب لأنني أختنق، ولأن أثقل الأيام باتت تقترب من صدري. أطفالي الثلاثة لا يذهبون إلى المدرسة، لأن المدارس الحكومية مغلقة، والمدارس الخاصة باهظة.. وأنا موظف بالكاد يكفيني راتبي لقوت يومي".
ويصف الأب، في كلمات موجعة، كيف كان يراقب باصات المدارس الخاصة وهي تمر أمام منزله، بينما ينظر أطفاله من الشارع بحسرة إلى أقرانهم وهم يلوحون من خلف النوافذ بزي أنيق وحقائب لامعة، دون أن يفهموا لماذا حُرموا من هذا الحق.
وتابع في رسالته المؤثرة: "أحد أطفالي في الصف الثالث الابتدائي، لا يعرف حتى كتابة اسمه الرباعي. مضى عليه عامان دراسيان دون أن يتعلم شيئًا، ومع ذلك صعدوه إلى الصف التالي.. وكأن شيئًا لم يكن".
ويحمّل الأب الدولة والمجتمع مسؤولية الانهيار، مؤكدًا أن لا أحد يهتم بمصير الأطفال الفقراء، مضيفًا: "بين ظلم الحكومة للمعلم، وظلم الإضراب لأبنائنا.. ضاع مستقبل أولادي. لم أكن أتصور يومًا أن تنتهي مجانية التعليم في بلادي".
وختم رسالته برجاء إنساني قائلاً: "أرجوك، أوصل صوتنا.. نحن نختنق في صمت، ونكتم بكاءنا حتى لا ينكسر أولادنا أكثر".
وتأتي هذه الرسالة في وقت يعيش فيه قطاع التعليم في عدن أسوأ مراحله، حيث أغلقت آلاف المدارس الحكومية أبوابها نتيجة الإضرابات المستمرة للمطالبة بصرف ورفع رواتب المعلمين المنقطعة، وسط غياب أي حلول حكومية حقيقية.