آخر تحديث :الأحد-06 يوليو 2025-08:47ص
اخبار وتقارير

العشوائيات تخنق تعز.. حملات “القط والفأر” تفشل مجددًا وسط غياب البدائل وتورط مسؤولين

العشوائيات تخنق تعز.. حملات “القط والفأر” تفشل مجددًا وسط غياب البدائل وتورط مسؤولين
السبت - 05 يوليو 2025 - 11:58 م بتوقيت عدن
- نافذة اليمن - محرم الحاج

لا تزال ظاهرة الأسواق العشوائية والباعة المتجولين في محافظة تعز تمثل معضلة مستمرة ومعقّدة، وسط غياب تام للحلول العملية والبدائل المناسبة، ما حوّل حملات الإزالة إلى لعبة عبثية أشبه بـ"القط والفأر"، لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد، في مشهد بات مألوفًا في شوارع المدينة المكتظة.

وتنتشر هذه الأسواق على أرصفة وشوارع مديريات تعز الثلاث (المظفر، القاهرة، صالة)، حيث تعجّ بالآلاف من البسطات التي تخنق الحركة المرورية وتشوه وجه المدينة الثقافي، دون أن تقدم السلطات المحلية حلولًا جذرية تستوعب الباعة المتضررين.

محافظ تعز نبيل شمسان وجّه مرارًا بضرورة إزالة هذه الظاهرة، واصفًا إياها بـ"المزعجة والخطيرة"، لما لها من تبعات أمنية وبيئية وتشويه للشكل الحضاري لعاصمة الثقافة اليمنية، إلا أن توجيهاته تصطدم بواقع أكثر تعقيدًا.

تحقيق ميداني يكشف الواقع المرير:

وخلال متابعة ميدانية قمنا بها، تم رصد الحملة الأخيرة لإزالة الأسواق العشوائية، حيث تنوعت الآراء ما بين داعم للتنظيم ومطالب بتوفير البدائل، بينما أبدى البعض امتعاضًا من ممارسات بعض الموظفين المحليين الذين يحولون هذه الحملات إلى فرص للابتزاز.

المواطن رشاد مهيوب يقول: "الأسواق العشوائية تضيق الشوارع وتربك حركة السير، لكن نناشد السلطة أن توفر بدائل قبل الطرد"، بينما يضيف المواطن أحمد محمد: "نحن نُحبس بالساعات داخل زحمة الشوارع بسبب هذه البسطات".

أما زكريا الصبري، فيرى أن الفشل الحقيقي يعود لـ"صندوق النظافة ومكتب الأشغال"، حيث يغيب التنظيم ويُترك الشارع للعبث.

وجهة نظر الباعة: "نبحث عن لقمة العيش"

في المقابل، يقول محمد سعيد، أحد الباعة في سوق التحرير: "لسنا مخربين، نحن نلاحق الزبائن على الأرصفة لنكسب قوت يومنا"، ويؤكد آخر: "نؤيد التنظيم، لكننا نرفض الإذلال والابتزاز الذي نتعرض له بسبب غياب البدائل".

مكتب الأشغال يرد: لا تأجير ولا جباية

مصدر مسؤول في مكتب الأشغال نفى وجود أي تأجير رسمي للأرصفة أو الشوارع، وأكد أنه لا يتم تحصيل أي رسوم من الباعة المخالفين، كما شدد على أن أعمال الاحتجاز المؤقت للبسطات تتم تحت إشراف قانوني، وتنتهي عادة بتعهد خطي فقط.

لكنه أشار إلى أن "بعض الموظفين المحليين يسيئون استخدام صلاحياتهم"، مستدركًا أن "التأجير الاستثنائي مسموح فقط في المواسم والأعياد، وتذهب عائداته إلى خزينة الدولة".

حقيقة صادمة: تجارة البسطات تُغذي جيوب الفاسدين

ورغم المبررات الإنسانية التي تُساق دومًا، إلا أن التحقيق كشف أن الأسواق العشوائية تحوّلت من مصدر رزق للبسطاء إلى مصدر نفوذ وتمويل لعصابات نافذة وموظفين فاسدين، يمارسون الابتزاز ويستثمرون في الفوضى بعلم أو تغاضٍ من جهات رسمية.

ويؤكد ناشطون أن غياب التخطيط الحضري، وتداخل الاختصاصات بين السلطات المحلية، وفشل الحملات السابقة، جعل من العشوائيات قنبلة موقوتة تهدد مستقبل المدينة ومواطنيها، وسط صمت مطبق من الدولة وعدم مبالاة حقيقية بمعاناة المواطنين.

خاتمة:

تعز التي دفعت ثمن الحرب، تدفع اليوم ثمن الفوضى والفساد. ومع كل حملة إزالة تبدأ دون خطة واضحة، تستمر مأساة "الشارع المغصوب"، وتزداد الهوة بين المواطن والدولة، وبين الحاجة للعيش والحق في النظام.