تطور جديد يكشف هشاشة المنظومة الأمنية للمليشيات الحوثية وتصاعد القلق من عمليات الاختراق والاستخبارات، حيث اضطرت الجماعة إلى التخلي عن أنظمتها المشفرة واللاسلكية، والعودة إلى استخدام شبكات الاتصالات الأرضية القديمة لربط جبهاتها ومراكزها القيادية، في مشهد يعبّر عن ذعر حقيقي داخل "خطوط النار" الحوثية.
وكشفت مصادر عسكرية مطلعة أن مليشيا الحوثي عمدت مؤخرًا إلى مد خطوط اتصالات نحاسية تقليدية من الهاتف الأرضي إلى الخطوط الأمامية في جبهات مأرب، تعز، والساحل الغربي، وذلك بعد أن تعرضت شبكاتهم اللاسلكية لانهيارات أمنية نتيجة ضربات أمريكية دقيقة، واختراقات تكنولوجية هزّت ثقتهم في أنظمتهم بالكامل.
وبحسب المصادر، رصدت كاميرات استطلاع تابعة لقوات الشرعية استخدام الحوثيين للهاتف الأرضي في مواقع متقدمة بجبهات القتال، وهو ما يؤكد تخليهم التدريجي عن الاعتماد على الأبراج اللاسلكية والمشفرة التي كانت تديرها الجماعة سابقًا، بعد أن قصفت الولايات المتحدة عددًا منها في إب وبرع ومناطق أخرى.
وأشار مهندسون في مجال الاتصالات إلى أن المليشيا قامت بتفكيك أبراجها اللاسلكية العسكرية وتركيبها فوق مركبات متنقلة، إلا أن تضييق المسافات الجغرافية الناتج عن هذا التكتيك جعل القادة عرضة للرصد والمتابعة، ما دفعهم لاعتماد نظام الاتصال عبر خطوط أرضية سرية مخصصة لقادتهم فقط.
المهندس اليمني المتخصص خليل سعيد، كشف أن جماعة الحوثي استنسخت حرفيًا نموذج الاتصال الأرضي الذي تعتمده حماس في غزة، والذي يقوم على تشييد شبكة سلكية مغلقة عبر كابلات نحاسية يصعب تتبعها أو التجسس عليها إلا باختراق بشري مباشر.
وقال سعيد: "الميزة الأخطر في هذا النظام أن توقيت الاتصال غير قابل للرصد، كما أن خط الاتصال يُمد مباشرة من مقر القيادة إلى الجبهة، دون المرور بأي شبكة اتصالات عامة".
المصادر أكدت أن الذعر من اختراقات أمريكية وإسرائيلية كان الدافع الأهم لتوجه الحوثيين إلى هذه الشبكة البدائية، في وقت تخشى فيه الجماعة من ضربات استخباراتية تستهدف قادتها الكبار بعد تقارير عن تتبع دقيق لتحركاتهم واتصالاتهم المشفرة سابقًا.
وقد تبيّن أن المليشيا أنشأت شبكة اتصالات داخلية محصورة بقادة موثوقين، يتم فيها تزويد كل موقع بخط ساخن خاص، وهي خطوط لا تمر عبر أي مزوّد خدمات عام أو بنية تحتية حكومية، بل يتم التحكم بها داخليًا من قبل الجهاز الأمني الحوثي.
و يصف مراقبون هذا التحول بأنه نقطة ضعف قاتلة وفضيحة تكنولوجية مدوية لجماعة تزعم امتلاكها منظومات حرب إلكترونية وتفاخر بعلاقتها بإيران، لكنها تفر من التكنولوجيا الحديثة كما يفرّ اللص من الضوء، بعد أن أصبحت معرّاة أمام القدرات الاستخباراتية المتطورة.
ويُرجّح أن هذا التحول سيقيد حركة قيادات الجماعة ويزيد من هشاشة عملياتهم الميدانية، خصوصًا مع استمرار الضربات الجوية والاستهدافات الدقيقة للبنى التحتية التي كانوا يعتمدون عليها في التواصل.