تمارس مليشيا الحوثي الإيرانية واحدة من أبشع الجرائم الثقافية والدينية، إذ يواجه مسجد الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري، ثاني أقدم مساجد اليمن، خطر الانهيار الكامل، بفعل الإهمال المتعمد والنهب المنظّم لأوقافه من قِبل قيادات الجماعة في مدينة زبيد التاريخية بمحافظة الحديدة.
المسجد الذي يعود تأسيسه إلى السنة الثامنة للهجرة، تحوّل اليوم إلى هيكل مهمل ومهجور، بعد أن دمّرت المليشيا البنية التحتية الخاصة به، بما فيها دورات المياه ومرافق الوضوء، ما دفع المصلين إلى هجره قسرًا، وسط تحذيرات من إمكانية إغلاقه نهائيًا.
وخلال اليومين الماضيين، أطلق ناشطون محليون مناشدات عاجلة لإنقاذ المسجد التاريخي، في ظل تعامي الجهات المعنية والخاضعة لسيطرة الحوثيين، عن وضعه الكارثي، الذي يجسد واحدة من أخطر انتهاكات المليشيا ضد هوية المجتمع اليمني وتراثه الديني.
وقال مهند حجينة، مدير الشؤون القانونية في مكتب أوقاف الحديدة، في تصريحات صحفية: "هذا المسجد الذي أوقف له الملوك والأمراء أراضي من أخصب وديان تهامة، يُنهب اليوم أمام أعين الجميع، في جريمة لا تقل خطورة عن تدمير الآثار".
واتهم حجينة القيادي الحوثي محمد سليمان البحر، المنتحل صفة مسؤول أوقاف مديرية زبيد، بالتورط المباشر في نهب أوقاف المسجد، بالتنسيق مع القيادي فيصل الهطفي المكنى "أبو البتول"، المنتحل صفة مدير أوقاف الحديدة، إلى جانب شبكة من عناصر الجماعة التي تمارس السطو على أملاك الوقف في عموم مديريات المحافظة.
وأضاف حجينة أن المسجد لم يعد صالحًا حتى لأداء الصلاة أو استقبال الفعاليات الدينية والاجتماعية، محمّلاً مليشيات الحوثي المسؤولية الكاملة عن التدمير الممنهج الذي تتعرض له المساجد والمدارس في زبيد، وفي مقدمتها أحد أقدم معالم الإسلام في اليمن.
مدينة زبيد، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي، باتت تواجه خطر فقدان هويتها الروحية والتاريخية، نتيجة الحرب الحوثية المفتوحة ضد كل ما يمتّ للمجتمع اليمني بصلة، من مسجد، إلى مدرسة، إلى مرفق عام.
وتتواصل النداءات لإنقاذ ما تبقى من إرث حضاري في تهامة، وسط صمت دولي مخزي تجاه ما يرتكب في الحديدة من جرائم ممنهجة بحق التاريخ والدين والمجتمع.