آخر تحديث :الخميس-29 مايو 2025-01:52ص
اخبار وتقارير

عيد تحت قبضة الجباة: الحوثي يخنق أسواق الأضاحي ويشعل أسعارها والفقراء يتوسلون اللحم

عيد تحت قبضة الجباة: الحوثي يخنق أسواق الأضاحي ويشعل أسعارها والفقراء يتوسلون اللحم
الثلاثاء - 27 مايو 2025 - 11:48 م بتوقيت عدن
- نافذة اليمن - خاص

تتواصل فصول المعاناة في بلاد مطحونة بالحرب منذ عقد من الزمن، وهذه المرة مع اقتراب عيد الأضحى، حيث تتصاعد أسعار المواشي واللحوم ومستلزمات العيد بشكل متسارع، وسط انهيار اقتصادي شامل وتدهور متواصل لسعر العملة المحلية، بينما تغيب أي بوادر لحلول حقيقية. ومع كل ذلك، تمضي مليشيا الحوثي في فرض جبايات جديدة تثقل كاهل المواطنين، لتتحول المناسبة الدينية إلى كابوس إضافي يؤرق اليمنيين.

مصادر محلية من العاصمة المحتلة صنعاء، الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي، أفادت بأن الأيام الأخيرة شهدت ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواشي. إذ تتراوح أسعار الخرفان بين 200 و250 دولاراً، أي ما يعادل 100 ألف إلى 120 ألف ريال، وفق تسعيرة الجماعة التي تثبت سعر الدولار بـ534 ريالاً، فيما بلغ سعر بعض الثيران ما يقارب 1500 دولار، أي قرابة مليون ونصف المليون ريال.

وتجري عملية تسعير المواشي عبر الباعة والسماسرة وفقاً للحجم، دون الاعتماد على أي موازين دقيقة، وبغياب أي تسعيرة رسمية، في مشهد يؤكد غياب الرقابة وتفشي الفوضى في الأسواق.

الجبايات الحوثية المفروضة على تجار المواشي والجزارين تسببت في قفزة كبيرة بأسعار الأضاحي واللحوم، ما دفع التجار إلى بيع مواشيهم من المزارع مباشرة، أو في أسواق مؤقتة على أطراف المدن وخارجها، هرباً من سطوة الجباة الحوثيين.

وفي مدينة ذمار، كشف عدد من تجار المواشي عن استحداث أسواق بيع مؤقتة على جوانب الطرق المؤدية إلى المدينة، تبدأ ساعات عملها بعد الفجر وتُغلق قبل أن يبدأ مشرفو الجبايات الحوثيون بملاحقتهم. ووفقاً للمصادر، فإن هذه الطريقة تسهم في تقليل الخسائر وتمكين المواطنين من الشراء بأسعار معقولة، لكنها تظل محدودة بسبب الخوف من بطش عناصر الجماعة.

وتؤكد المصادر أن هذا "التحايل" ليس جديداً، بل يُمارس منذ سنوات، غير أن الحوثيين أصبحوا يفرضون جباياتهم مقدماً على المزارعين والتجار في أماكن التربية والتسويق، ما يفاقم الأعباء عليهم ويزيد الأسعار.

ومنذ شهرين، منعت المليشيات الحوثية دخول المواشي المستوردة إلى مناطق سيطرتها بذريعة دعم الإنتاج المحلي، ما ألحق خسائر كبيرة بالتجار، في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة خبيثة لاحتكار السوق عبر تجار موالين للجماعة، ووسيلة لرفع أسعار المواشي المحلية بشكل غير منطقي.

محمد الشراعي، موظف في شركة تجارية بصنعاء، عبّر عن ألمه قائلاً إنه للعام الثالث على التوالي يعجز عن شراء أضحية العيد، ويكتفي بإقناع أطفاله الثلاثة بارتداء ملابس عيد الفطر مرة أخرى في عيد الأضحى، نظراً لضيق الحال وارتفاع الأسعار، حتى أنه بالكاد جلب كيلوغرامين من اللحم منذ ثلاثة أشهر بسعر 20 دولاراً، أي حوالي 5 آلاف ريال للكيلو الواحد.

وتستمر معاناة السكان في مختلف المحافظات مع كل موسم عيد، في ظل ارتفاع جنوني للأسعار وتردٍّ معيشي خانق، بينما يرزح المزارعون وتجار المواشي تحت وطأة التكاليف الباهظة والجبايات المفروضة دون رحمة.

أما الموظف الحكومي محمد جمال، فيسخر من حاله، قائلاً إنه اعتاد التجول في أسواق المواشي قبل العيد، لكنه في النهاية ينتهي به المطاف لدى بائع دواجن. ويضيف: "لا أزال أحلم أن أشتري لحماً في العيد، لكني أفشل كل عام".

في تعز المحررة، الوضع ليس أفضل، فأسواق المواشي تشهد تراجعاً حاداً في الإقبال بعد أن ارتفعت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، تزامناً مع تدهور العملة المحلية التي تجاوز سعر الدولار فيها 2530 ريالاً. ويشير محمود ناجي، طالب جامعي ونجل تاجر مواشي، إلى أن الإنتاج المحلي لم يكن في أي وقت كافياً لتلبية الطلب، خصوصاً في موسم العيد، إلا أن ضعف القدرة الشرائية ومخاوف التجار من الخسارة دفعت إلى تراجع الاستيراد، دون أن ينعكس ذلك بانخفاض في الأسعار.

الماعز والضأن في تعز تتراوح أسعارهما حالياً بين 100 و160 دولاراً، أي بين 250 ألف و400 ألف ريال، بينما لا يتقاضى الموظف العادي أكثر من 100 دولار شهرياً، بل إن أعلى راتب للمعلمين لا يتجاوز 32 دولاراً فقط!

مصدر في مكتب الصناعة والتجارة في تعز أوضح، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن السلطات المحلية عاجزة تماماً عن تحديد أو ضبط أسعار المواشي، بسبب تقلب الأسعار وتدهور العملة المستمر، مشيراً إلى أن محاولة ضبط السوق قد تُفجر مشكلات إضافية، وتضرّ بالتجار.

في ظل كل هذا، يبدو أن الأضحية باتت حلماً بعيد المنال لآلاف الأسر اليمنية، والفرحة تُختطف كل عام على يد من حولوا مناسبات العيد إلى وسيلة للإثراء على حساب البسطاء والمحتاجين.


المصدر: جريدة الشرق الأوسط