أعلنت مليشيا الحوثي، الجمعة، بدء تفويج الحجاج اليمنيين إلى الأراضي المقدسة انطلاقًا من مطار صنعاء الدولي، الذي لا يزال خارج الخدمة فعليًا منذ تعرضه لسلسلة من الغارات الجوية دمّرته بالكامل قبل أشهر.
مصادر مطلعة كشفت أن المليشيا تستعد لتسيير أولى الرحلات يوم السبت، عبر طائرة واحدة فقط تابعة للخطوط الجوية اليمنية كانت موجودة خارج البلاد، فيما تم تدمير باقي أسطول الشركة في القصف ذاته. وتؤكد ذات المصادر أن الحوثيين يحاولون توظيف هذه الرحلات كورقة إعلامية لإظهار "القدرة على إعادة الحياة إلى منشآت مدمّرة"، رغم خطورة هذه الخطوة على حياة الحجاج.
العديد من التقارير الفنية الداخلية، التي رفض المسؤولون الإفصاح عنها رسميًا، تشير إلى أن البنية التحتية للمطار لا تزال منهارة بنسبة تفوق 80%، وسط غياب كلي لنظم الملاحة الجوية الحديثة وأجهزة الطوارئ والسلامة. ورغم هذه الحقائق، لم تصدر أي جهة رقابية دولية، كمنظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، تقييمًا يؤكد أهلية المطار للعمليات الجوية.
وأبدى مراقبون قلقهم الشديد من هذه الخطوة، محذرين من احتمال وقوع "فاجعة جوية" في حال تعرضت الطائرة لأي عطل أو فشل في الإقلاع أو الهبوط، بسبب ظروف التشغيل غير الآمنة. وتساءل البعض عن المسؤولية القانونية في حال وقعت كارثة، خاصة أن اليمنية لم توضح موقفها من مدى مطابقة المطار لمعايير السلامة.
و يأتي تفويج الحجاج من مطار صنعاء ضمن مساعي الحوثيين لفرض واقع سياسي عبر المجال الإنساني، في تحدٍ واضح للحكومة اليمنية والتحالف العربي، ومحاولة لكسر العزلة الدولية المفروضة على الجماعة.
واعتبر محللون أن هذه الخطوة تهدف إلى إظهار الجماعة بمظهر السلطة القادرة على إدارة الملفات السيادية، بما في ذلك النقل الجوي وشؤون الحج.
ووفقًا للصحفي عبدالرحمن أنيس، فإن ما يحدث هو تكرار لمسرحية العام الماضي، حين احتجز الحوثيون ثلاث طائرات لشركة الخطوط الجوية اليمنية بعد عودتها بالحجيج، في استغلال صارخ للموسم الديني لتسجيل نقاط سياسية وإعلامية.
الغريب، بحسب ناشطين، هو صمت الحكومة اليمنية والتحالف العربي إزاء ما وصفوه بـ"العبث بأرواح المواطنين"، وسط مطالبات عاجلة بتدخل دولي لوقف ما وصف بـ"العملية الانتحارية" التي تهدد حياة نحو ألفي حاج.
حتى اللحظة، لم يصدر عن السلطات السعودية أي موقف رسمي بخصوص منح تصاريح هبوط وإقلاع من مطار صنعاء، سوى ما ذكرته اليمنية في بيانها عن حصولها على تصاريح "رسمية" دون ذكر التفاصيل.
واصدرت الخطوط الجوية اليمنية بيانًا أعلنت فيه عن بدء الرحلات من صنعاء، مؤكدة سعيها لتقديم أفضل الخدمات للحجاج، لكنها في ذات الوقت أقرت، ضمناً، بالمخاطر القائمة، عندما أشارت إلى أن التفويج سيتم عبر طائرة واحدة ومن مطار "لا يزال قيد الإصلاح".